وقريب من صحيحة الحلبي في ذلك صحيحة صفوان المتقدمة (١) وقوله : «إذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتى يكاد يبلغ أذنيه». فإن المراد إذا أراد التكبير كما تقدم فيدل على ان الرفع متقدم على وقوع التكبير واقع عند إرادته واما كون التكبير عند انتهاء الرفع أو حال الإرسال فهي مجملة في ذلك فهي موافقة للقول المشهور ومحتملة للقولين الآخرين.
وقال العلامة في التذكرة : قال ابن سنان (٢) «رأيت الصادق (عليهالسلام) يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح». وظاهره يقتضي ابتداء التكبير مع ابتداء الرفع وانتهاءه مع انتهائه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يرفع ثم يكبر عند الإرسال وهو عبارة بعض علمائنا. وظاهر كلام الشافعي انه يكبر بين الرفع والإرسال (٣) انتهى.
أقول : لا ريب ان ظاهر صحيحة الحلبي المتقدمة ما عرفت من الدلالة على القول الثالث وقريب منها صحيحة صفوان بالتقريب الذي ذكرناه ، وهذه الرواية ظاهرة أيضا في القول المشهور كما ذكره شيخنا المذكور وان أمكن التأويل فيها بحمل قوله : «استفتح» على ارادة الاستفتاح كما في الخبرين الآخرين ، وبذلك تنطبق على الخبرين المذكورين ويكون الجميع دليلا للقول الثالث. واما حملها على ظاهرها فيوجب المناقضة بينها وبين الخبرين الأولين ، إلا ان يجاب عن صحيحة الحلبي بما ذكره العلامة من حمل «ثم» على الانسلاخ من معنى التراخي وعن صحيحة صفوان بان المراد بقوله «إذا كبر» أي إذا ابتدأ في التكبير فيصير ابتداء التكبير بابتداء الرفع كما هو القول المشهور ، وبذلك تبقى المسألة في قالب الإشكال في البين لتصادم الاحتمال من الطرفين.
(الرابع) ـ ذهب جمع من الأصحاب إلى استحباب ضم الأصابع حين الرفع ونقل الفاضلان عن المرتضى وابن الجنيد تفريق الإبهام وضم الباقي ، ونقله في الذكرى عن المفيد وابن البراج وابن إدريس وجعله اولى وأسنده إلى الرواية.
__________________
(١ و ٢) ص ٤٣ و ٤٦.
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي الشافعي على هامش إرشاد الساري ج ٣ ص ٤ والام للشافعي ج ١ ص ٩٠.