عنده من الدليل ومنهي عن القول على الله بغير دليل في واجب كان أو مستحب أو محرم أو مكروه. نعم يمكن حمل كلامه على أتباعهما في العمل بذلك دون الإفتاء به إلا ان فيه أيضا ما سيأتي.
و (اما ثانيا) ـ فلما ظهر لشيخنا الصدوق في جملة من المواضع من الأوهام التي تفرد بها وربما شنع بها على من لم يوافقه عليها أتم التشنيع مع انه لم يوافقه عليها أحد من الأصحاب ، ومنها ـ وجوب تأخير خطبتي الجمعة ، ونحو ذلك مما يقف عليه المتتبع البصير (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).
و (اما ثالثا) ـ فان الظاهر ان مستنده في هذا الكلام وما تضمنه من الأحكام انما هو هذا الخبر وهو ـ كما ترى ـ لا ينطبق على ما ذكره في هذا الموضع. والله العالم.
(الثاني) ـ قد أشرنا في ما تقدم في صدر الموضع الثالث إلى ان الجعفي وصاحب كنز العرفان ذهبا إلى وجوب «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته».
قال في كنز العرفان في تفسير قوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً» (١) : استدل بعض شيوخنا على وجوب التسليم المخرج من الصلاة بما تقريره : شيء من التسليم واجب ولا شيء منه في غير التشهد بواجب فيكون وجوبه في الصلاة وهو المطلوب ، اما الصغرى فلقوله «سَلِّمُوا» الدال على الوجوب واما الكبرى فللإجماع وفيه نظر لجواز كونه بمعنى الانقياد ، سلمنا لكنه سلام على النبي (صلىاللهعليهوآله) لسياق الكلام وقضية العطف وأنتم لا تقولون انه المخرج من الصلاة بل المخرج غيره. ثم قال واستدل بعض شيوخنا المعاصرين على انه يجب اضافة «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» الى التشهد الأخير بالتقريب المتقدم. قيل عليه انه خرق للإجماع لنقل العلامة الإجماع على استحبابه. ويمكن الجواب بمنع الإجماع على عدم وجوبه والإجماع المنقول على مشروعيته وراجحيته وهو أعم من الوجوب والندب. ثم قال وبالجملة الذي يغلب على ظني الوجوب. واستدل ببعض الأخبار.
__________________
(١) سورة الأحزاب الآية ٥٦.