الأخبار الصحيحة الصريحة في أفضلية التسبيح فلم يبق إلا طرحها وإرجاعها إلى قائلها ، إذ العمل بما دلت عليه مستلزم لطرح تلك الأخبار وهو ما لا يتجشمه من له أدنى روية من ذوي الأذهان والأفكار ، مع إمكان حملها على التقية وان لم يعرف بالقول بالتساوي مطلقا قائل من العامة إذ التخير مذهب أبي حنيفة واتباعه مع أفضلية القراءة كما تقدم (١) وقد قدمنا في مقدمات الكتاب ان الحمل على التقية لا يتوقف على وجود القائل منهم ، وبالجملة فإنه لم يبق إلا طرحها أو حملها على التقية وإلا فالعمل بها وان ذهب اليه من ذهب غفلة عما قدمناه من الأخبار لا يتفوه به من وقف على ما حققناه ونقلناه من تلك الأخبار الساطعة الأنوار والعلية المنار.
واما الاستناد في هذا القول إلى صحيحة عبيد بن زرارة فهي بالدلالة على أفضلية التسبيح أشبه لما عرفته آنفا ، فإن قضية التعليل فيها فرعية القراءة وأصالة التسبيح كما دلت عليه الأخبار المستفيضة المتقدمة.
وربما استدل بعضهم لهذا القول بتعارض الأخبار وتساقطها فلا يتوجه رجحان أحد الطرفين على الآخر فيبقى التساوي مؤيدا برواية علي بن حنظلة. وهذا القول جهل من صاحبه بما قدمناه من الأخبار إذ الظاهر انها لم تقرع سمعه ولم تمر بنظره وهو كذلك كما سيظهر لك ان شاء الله في البحث مع السيد السند وشيخنا المحقق الأردبيلي فإنهما من هذا القبيل ، وهذه الأخبار التي قدمناها وجمعناها لم تجتمع في كتاب بل ولا نصفها ولا ربعها كما لا يخفى على من راجع كتبهم في هذا الباب.
واما القول بأفضلية القراءة للإمام وهو القول الرابع والخامس والسادس وان اختلفوا في ما عداه فهو باعتبار المستند أظهر من سابقيه.
ويدل عليه من الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن
__________________
(١) في التعليقة ٢ ص ٣٩٨.