من الروايتين. وبالجملة فإن ما ذكرناه وجه حسن في الجمع بين الخبرين.
ويمكن حمل خبر الصيقل أيضا على حال الضرورة كمحل المسألة وهو ظاهر الذكرى حيث انه بعد ان اختار المنع محتجا بأن المأمور به القراءة على ظهر القلب إذ هو المتبادر إلى الأفهام ثم احتج بخبر عامي قدمه وهو ما رواه عبد الله بن أبي أوفى (١) «ان رجلا سأل النبي (صلىاللهعليهوآله) فقال اني لا أستطيع أن أحفظ شيئا من القرآن فما ذا اصنع؟ فقال له قل سبحان الله والحمد لله». فقال هنا في الاستدلال به : ولأن النبي (صلىاللهعليهوآله) لم يأمر الأعرابي بالقراءة من المصحف ، ثم قال : وروى الحسن الصيقل وساق الحديث المذكور. وظاهره حمله على الضرورة في الصورة المذكورة وإلا فالخبر باعتبار إطلاقه ظاهر المنافاة لما ذكره فيكون حجة عليه فالواجب الجواب عنه.
ثم انه مع تعذر الائتمام والقراءة من المصحف فالمستفاد من كلامهم (رضوان الله عليهم) انه اما ان يحسن بعض الفاتحة أو لا يحسن شيئا بالكلية ، وعلى الأول فاما ان يكون ما يحسنه آية تامة أم أقل ، وعلى الثاني فاما ان يحسن غيرها من القرآن أم لا فههنا صور :
(الاولى) ـ ان يحسن بعض الفاتحة وكان آية تامة والظاهر انه لا خلاف في قراءتها كما ذكره غير واحد منهم.
وهل يقتصر على الآية التي يأتي بها أو يجب التعويض عن باقي الفاتحة بتكرار تلك الآية أو بغيرها من القرآن أو الذكر مع تعذر الأولين؟ قولان ، ظاهر الفاضلين في المعتبر والمنتهى الأول واختاره في المدارك تمسكا بمقتضى الأصل السالم من المعارض. واختار العلامة في بعض كتبه على ما نقل عنه التعويض ، ونسبه شيخنا الشهيد الثاني في
__________________
(١) في سنن ابى داود ج ١ ص ٢٢٠ عن عبد الله بن أبي أوفى قال «جاء رجل إلى النبي «ص» فقال اني لا أستطيع ان آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه قال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا حول ولا قوة إلا بالله. الحديث» ..