الثاني هو كل مسحة أوقعها المكلف دفعة أعم من ان تكون يسيرة أو مستوعبة ، وحينئذ فالمكلف إذا مسح تدريجا فقد ادى الواجب الذي هو مسمى المسح بهذا الجزء الذي قطع عليه ، فإيجاب المسح على الباقي بعد القطع على ذلك الجزء الذي حصل المسمى في ضمنه وبرئت الذمة به يحتاج إلى دليل وليس ، بخلاف التسبيح فان المكلف إذا تجاوز الصورة الناقصة قاصدا إيجاد الكلي في ضمن احدى الصور الزائدة لم يصدق أنه أوجد الكلي في ضمن الناقصة ، حيث انه لم يقصدها بالكلية وان كان حصولها ضروريا من حيث الجزئية ، والعبادات تابعة للقصود والنيات وإلا لم تكن الأفراد الزائدة افرادا للواجب الكلي بالمرة ، لأن الصورة الصغرى حاصلة في ضمنها البتة فلو كان مجرد الإتيان بها وان لم تكن مقصودة موجبا لحصول الكلي في ضمنها وحصول البراءة اليقينية من التكليف لزم ما قلناه وفيه رد للأخبار الدالة على وجوبها المحمولة على الوجوب التخييري جمعا.
والظاهر ان منشأ الإيراد هو توهم كون محل الاتصاف بالاستحباب والوجوب التخييري هو الزائد على الصورة الناقصة كما تقدمت الإشارة إليه ، إذ على تقديره لو جعل مناط الحكم بالوجوب والاستحباب هو الاتصال والانفصال تعين هنا الحكم بالاستحباب لتحتم انفصال التسبيحة الثانية والثالثة عما قبلها.
ومما ذكرنا يعلم الكلام أيضا في تسبيح الركوع والسجود ، فان قلنا ان الواجب فيهما هو مجرد الذكر كما هو أحد القولين كان من قبيل المسح ، وان قلنا ان الواجب هو التسبيح المخصوص فإنه يأتي بناء على مذهب من يختار التخيير بين الافراد المروية أو بين بعضها ما يأتي في التسبيح في الأخيرتين على مذهب التخيير أيضا. وقد تقدم نقل الخلاف في التسبيح على تقدير القول به في الركوع والسجود بما ينتهي إلى خمسة أقوال.
(المقام الخامس) ـ في فوائد مهمة يقع بها الختام والتتمة : (الأولى) المشهور بين الأصحاب وجوب الترتيب في هذا التسبيح وظاهر القائلين بالتخيير بين صوره