وما رواه غالب بن عثمان في الموثق عن أبي عبد الله (عليهالسلام) (١) قال : «سألته عن الرجل يصلي المكتوبة فتنقضي صلاته ويتشهد ثم ينام قبل ان يسلم؟ قال تمت صلاته وان كان رعافا غسله ثم رجع فسلم». انتهى.
وتوجه النظر اليه من وجوه : (الأول) ان ما ذكره من الاستدلال بالأصل فصحيح إلا انه يجب الخروج عنه بالدليل وهو هنا الأوامر الواردة بالتسليم التي هي حقيقة في الوجوب باعترافه ، وهي في الأخبار أكثر من ان يأتي عليها قلم الإحصاء ، وقد عرفت منها ما تقدم وستعرف ان شاء الله.
(الثاني) ـ استدلاله بالصحيحتين المذكورتين ، فان فيه (أولا) انهم لا يقفون على ظاهرهما ولا يفتون بهما لدلالتهما على عدم وجوب الصلاة على النبي وآله (صلىاللهعليهوآله) في التشهد مع إجماعهم على ذلك ، وحينئذ فكيف يستندون إليهما هنا والحال في المقامين واحد؟
و (ثانيا) ـ ان غاية ما يدلان عليه تمام الصلاة بعد التشهد وهو غير مناف لمذهبنا في المسألة ، فانا نختار فيها كون التسليم واجبا خارجا فلا يرد علينا الاستدلال بهما كما لا يخفى ، على ان الثانية منهما وهي صحيحة الفضلاء الثلاثة ظاهرة في وجوب التسليم وان كان قد تمت صلاته بالتشهد وهو عين ما نختاره من كونه واجبا خارجا كما سيأتي تحقيقه ان شاء الله ، وحاصل معنى الخبر انه بالفراغ من التشهد فقد تمت صلاته ، فان كان مستعجلا في أمر يخاف فوته سلم وانصرف من غير ان يأتي ببقية الأذكار المستحبة التي مرت في موثقة أبي بصير وعبارة الفقه الرضوي ، وان كان غير مستعجل اتى بتلك الأذكار الموظفة مستجمعا لمستحباتها على الوجه الأكمل ، وبذلك يظهر لك ما في قوله : «والمراد بالإجزاء الاجزاء في حصول الفضيلة والكمال» من التكلف الذي لا ضرورة تلجئ إليه في هذا المجال.
__________________
(١) الوسائل الباب ٣ من التسليم.