(الثالث) ـ ان ما ذكره من صحيحة علي بن جعفر فإنه لم ينقلها على وجهها وكأنه نقلها بالمعنى وحرف لفظ التسليم إلى التشهد ، وصورة الرواية هكذا : علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهالسلام) (١) قال : «سألته عن الرجل يكون خلف امام فيطول في التشهد فيأخذه البول أو يخاف على شيء ان يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال يسلم وينصرف ويدع الامام». والعجب انه قد نقلها بهذه الصورة التي ذكرناها في بحث صلاة الجماعة في مسألة جواز الانفراد للمأموم مع العذر ، وبذلك يظهر ان هذه الرواية مثل صحيحة الفضلاء الثلاثة المتقدمة في انها دالة على خلاف ما يدعيه فهي عليه لا له كما لا يخفى.
أقول : ومثل هذه الرواية أيضا صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليهالسلام) (٢) قال : «سألته عن رجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد؟ قال يسلم ويمضي لحاجته ان أحب».
(الرابع) ـ استدلاله بموثقة يونس بن يعقوب ومثلها موثقة غالب بن عثمان فإنه لا يخلو من غرابة ، إذ لا يخفى ان قاعدته في هذا الكتاب رد الأخبار الموثقة والحكم بضعفها وانها متى وردت من طرف الخصم طعن فيها بالضعف وردها فكيف جاز منه الاستدلال بها هنا؟ ما هذه إلا مجازفة ظاهرة ، على ان معنى هذه الرواية أعني موثقة يونس ليس ما توهمه بل هي بالدلالة على نقيض ما يدعيه أشبه ، وذلك ان الغرض من السؤال انما هو ان المصلي بعد ان صلى بالقوم وأتم صلاته وسلم لم يلتفت إلى القوم بوجهه ويسلم عليهم كما هو السنة يومئذ ولا سيما في مقام التقية من التفات الإمام إلى
__________________
(١) الوسائل الباب ٦٤ من الجماعة. ولا يخفى ان التهذيب والفقيه اختلفا في نقل الرواية ففي التهذيب ج ١ ص ٢٥٣ «يتشهد وينصرف» وفي الوسائل عنه كذلك ، وفي الفقيه ج ١ ص ٢٦١ «يسلم وينصرف» كما ذكره «قدسسره».
(٢) الوسائل الباب ٦٤ من الجماعة.