فيه محمد بن عيسى عن يونس ، مع أنها تقتضي وجوب السجود إذا صلى بصلاة التالي لها وهو غير مستقيم عندنا إذ لا يقرأ في الفريضة عزيمة على الأصح ولا يجوز القدوة في النافلة غالبا ، وقد نقل ابن بابويه عن ابن الوليد انه لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى عن يونس. وروى العامة عدم سجود السامع عن ابن عباس وعثمان (١) ولا شك عندنا في استحبابه على تقدير عدم الوجوب.
أقول : ما ذكره من الإشكال في مضمون الخبر جيد إلا ان الظاهر حمله على الائتمام بالمخالف ، مع ان القدوة في بعض النوافل كالاستسقاء والغدير والعيدين مع اختلال الشرائط جائزة.
ثم انه مما يدل أيضا على الاكتفاء. بمجرد السماع زيادة على الخبر الثاني الخبر التاسع ، ويؤيد ما دل عليه الخبر الثالث قوله في بعض أخبار الدعائم المتقدمة «أو سمعها من قارئ يقرأها وكان يستمع قراءته» اي ينصت لها.
وبالجملة فالأخبار من الطرفين ظاهرة الدلالة على كل من القولين ، قال في المدارك بعد ذكر ما دل على السماع وما دل على الاستماع : وانا في هذه المسألة من المتوقفين. والحق ان الجمع بين أخبار المسألة دائر بين أمرين : اما حمل ما دل على الأمر بالسجود بمجرد السماع على الفضيلة والاستحباب ، واما حمل ما دل على التخصيص بعد القراءة بالاستماع دون السماع على التقية لموافقته لمذهب العامة وهو الأرجح. والاحتياط لا يخفى.
(الرابع) ـ قد صرح جملة من الأصحاب بأن الظاهر ان موضع السجود في هذه الأربعة بعد الفراغ من الآية ، وذهب المحقق في المعتبر إلى ان موضعه في حم السجدة
__________________
(١) المغني ج ١ ص ٦٢٤ «يسن السجود للتالي والمستمع لا نعلم في هذا خلافا واما السامع غير القاصد للسماع فلا يستحب له. روى ذلك عن عثمان وابن عباس وعمران وبه قال مالك ، وقال أصحاب الرأي عليه السجود ، وقال الشافعي لا أوكد عليه السجود وان سجد فحسن».