فاستدلوا بها على كراهة تجاوز اليد عن الرأس في التكبير ، ولعل الرفع للقنوت منها أظهر ويحتمل التعميم أيضا والأحوط الترك فيهما معا. انتهى كلام شيخنا المشار إليه.
أقول : والظاهر هو ما استظهره من الحمل على القنوت ، وينبغي ان يخص بالفريضة كما تضمنه الخبران المتقدمان ولا بأس بذلك في النافلة كما تضمنته عبارة كتاب الفقه. واما الحمل على رفع اليدين في التكبير كما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) فالظاهر بعده عن سياق الخبر وان كان الحكم كذلك كما يدل عليه النهي عن الرفع في التكبير عما زاد على محاذاة الأذنين إلا ان الخبر المذكور ليس مرادا به ذلك بل المراد به ما اشتمل عليه خبر أبي بصير وكلامه (عليهالسلام) في الكتاب المذكور.
(الثالث) ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه يتبدئ في التكبير بابتداء رفع يديه وينتهي بانتهائه ويرسلهما بعد ذلك ، قال في المعتبر : وهو قول علمائنا. ونحوه كلام العلامة في المنتهى. وعللوه بأنه لا يتحقق رفعهما بالتكبير إلا بذلك وعلى هذا جرى في المدارك والذخيرة وغيرهما.
مع ان في المسألة قولين آخرين (أحدهما) انه يبتدئ بالتكبير حال إرسالهما. وقيل انه يبتدئ بالتكبير عند انتهاء الرفع فيكبر عند تمام الرفع ثم يرسل يديه. وهذا هو الظاهر من صحيحة الحلبي أو حسنته المتقدمة (١) لقوله (عليهالسلام) «إذا افتتحت الصلاة ـ أي إذا أردت افتتاح الصلاة كما في قوله عزوجل «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ» (٢) و «إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ» (٣) ـ فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات» وأجاب العلامة عن هذه الرواية بحمل «ثم» على الانسلاخ عن معنى التراخي.
واما ما تمسكوا به من ان الرفع بالتكبير لا يتحقق إلا بذلك فهو جيد لو وجدت هذه العبارة في شيء من اخبار المسألة وقد تقدم لك ذكرها وان وجد ذلك فإنما هو في كلام الأصحاب ولا حجة فيه.
__________________
(١) ص ٣٩.
(٢ و ٣) سورة النحل ، الآية ١٠٠ و ٩.