والظاهر ان مبنى ما ذكره السيد (قدسسره) من الاعتراض على الضابط المذكور هو انه فهم من عبارة الفاضلين والشهيد عطف الإخفات في عبائرهم على المضاف إليه في قولهم «أقل الجهر ان يسمع القريب منه والإخفات» يعني أقل الإخفات واللازم من هذا تصادق الجهر والإخفات في إسماع القريب بان يكون ذلك أعلى مراتب الإخفات لأن أقله إسماع نفسه وأكثره إسماع القريب وأقل مراتب الجهر كما صرحوا به ، وحينئذ فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه وتصير هذه الصورة مادة الاجتماع والحال ان المفهوم من النصوص الدالة على انقسام الصلاة إلى جهرية وإخفاتية خلافه.
وأنت خبير بان كلام الجماعة المذكورين وان أوهم في بادئ النظر ما ذكره إلا ان الظاهر ان ما ذكروه من تعريف الإخفات ليس بيانا للمرتبة الدنيا منه بل انما هو بيان لمعنى حقيقة الإخفات وانه عبارة عما ذكروه وانه ليس معطوفا على المضاف اليه بل على المضاف والواو للاستئناف. وبالجملة فالظاهر انهم انما قصدوا بذلك بيان معنى الإخفات وانه عبارة عن إسماع الإنسان نفسه حقيقة أو تقديرا واما ما زاد عليه فهو جهر تبطل الصلاة به كما هو صريح عبارة ابن إدريس واليه يشير آخر عبارة العلامة في المنتهى حيث قال بعد تحديد الإخفات بأن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سامعا : وانما حد دناه بما قلنا لأن ما دونه لا يسمى كلاما ولا قرآنا وما زاد عليه يسمى جهرا. انتهى. وهو ظاهر في ان إسماع القريب جهر عنده لا إخفات بل الإخفات خاص بإسماع نفسه.
وقال المحقق الشيخ علي في شرح القواعد : الجهر والإخفات حقيقتان متضادتان كما صرح به المصنف في النهاية عرفيتان يمتنع تصادقهما في شيء من الافراد ولا يحتاج في كشف مدلولهما إلى شيء زائد على الحوالة على العرف. الى ان قال ـ بعد ذكر تعريف المصنف له بأن أقل الجهر إسماع القريب تحقيقا أو تقديرا ـ ما صورته : وينبغي ان يزاد فيه قيد آخر وهو تسميته جهرا عرفا وذلك بان يتضمن إظهار الصوت على الوجه المعهود.