كل منهم الناس على قراءته والمنع من متابعة غيره ، وهذا كما نقل عن النحويين من التعصب من كل منهم في ما ذهب اليه ونسبة غيره إلى الغلط مع أنهم الواسطة في النقل عن الغرب ومذاهبهم في النحو كاشفة عن كلام العرب في تلك المسائل. والاشكال الذي ذكره الرازي ثمة جار أيضا في هذا المقام كما لا يخفى على ذوي الأفهام.
و (ثالثا) وهو العمدة ان الوارد في أخبارنا يدفع ما ذكروه فروى ثقة الإسلام في الكافي عن زرارة عن أبي جعفر (عليهالسلام) (١) قال : «ان القرآن واحد نزل من عند الواحد ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة».
وروى فيه أيضا في الصحيح عن الفضيل بن يسار (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) ان الناس يقولون نزل القرآن على سبعة أحرف؟ فقال كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد».
قال المحدث الكاشاني في كتاب الصافي بعد نقل الخبرين المذكورين : والمقصود منهما واحد وهو ان القراءة الصحيحة واحدة إلا انه (عليهالسلام) لما علم انهم فهموا من الحديث الذي رووه صحة القراءات جميعا مع اختلافها كذبهم. انتهى.
ويقرب من ذلك ما رواه في الكافي أيضا في الصحيح إلى المعلى بن خنيس (٣) قال : «كنا عند أبي عبد الله (عليهالسلام) ومعنا ربيعة الرأي فذكر القرآن فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) ان كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال فقال ربيعة الرأي ضال؟ فقال نعم. ثم قال أبو عبد الله (عليهالسلام) اما نحن فنقرأ على قراءة أبي».
قال في كتاب الوافي : والمستفاد من هذا الحديث ان القراءة الصحيحة هي قراءة ابي وانها الموافقة لقراءة أهل البيت (عليهمالسلام) إلا انها اليوم غير مضبوطة عندنا إذ لم تصل إلينا قرائته في جميع ألفاظ القرآن. انتهى.
أقول : لعل كلامه (عليهالسلام) في آخر الحديث انما وقع على سبيل التنزل
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوافي ج ٥ باب «اختلاف القراءات».