الإقرار بالميثاق والعهد الذي أخذ الله عزوجل عليهم ، ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره الميثاق ويجدد عنده الإقرار في كل سنة ، فلما عصى آدم واخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذ الله عليه وعلى ولده لمحمد صلىاللهعليهوآله ولوصيه عليهالسلام وجعله تائها (١) حيرانا ، فلما تاب الله على آدم حول ذلك الملك في صورة بيضاء ، فرماه من الجنة الى آدم وهو بأرض الهند ، فلما نظر اليه انس اليه وهو لا يعرفه بأكثر من انه جوهرة وأنطقه الله عزوجل ، فقال له : يا آدم أتعرفنى؟ قال : لا قال : أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك ، ثم تحول الى صورته التي كان مع آدم عليهالسلام في الجنة ، فقال لآدم : اين العهد والميثاق ، فوثب اليه آدم عليهالسلام وذكر الميثاق وبكى وخضع وقبله وجدد الإقرار بالعهد والميثاق ثم حوله الله عزوجل الى جوهرة الحجر درة بيضاء صافية تضيء ، فحمله آدم على عاتقه إجلالا له وتعظيما ، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل عليهالسلام حتى وافي به مكة ، فما زال يأنس به بمكة ويجدد الإقرار له كل يوم وليلة ، ثم ان الله عزوجل لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان لأنه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم أخذه في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان ألقم الله الملك الميثاق ، ولذلك وضع في ذلك الركن وتنحى آدم من مكان البيت الى الصفا وحوا الى المروة ، ووضع الحجر في ذلك الركن ، فلما نظر آدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر الله وهلله ومجده ، فلذلك جرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا ، فان الله أودعه الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة ، لان الله عزوجل لما أخذ الميثاق له بالربوبية ولمحمد صلىاللهعليهوآله بالنبوة ولعلى عليهالسلام بالوصية اصطكت فرائص الملائكة (٢) فأول من أسرع الى الإقرار ذلك الملك ولم يكن فيهم أشد حبا لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وعليهم منه ، فلذلك اختاره الله من بينهم وألقمه الميثاق ، وهو يجيء يوم القيمة وله لسان ناطق وعين ناظرة ، يشهد لكل من
__________________
(١) التائه : المتحير.
(٢) اصطكت اى ارتعدت والفريصة : اللحمة بين الجنب والكتف وقد مر أيضا.