سبعون رجلا من الأوس والخزرج فدخلوا الدار ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : تمنعوني وتجيروني حتى اتلوا عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله الجنة؟ فقال سعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام : نعم يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال : اما ما اشترط لربي فان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، واشترط لنفسي ان تمنعوني مما تمنعون أنفسكم وتمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم وأولادكم ، فقالوا : فما لنا على ذلك؟ قال : الجنة في الاخرة وتملكون العرب وتدين لكم العجم في الدنيا ، [وتكونون ملوكا في الجنة] فقالوا : قد رضينا ، فقال : اخرجوا الى منكم اثنى عشر نقيبا يكونون شهداء عليكم بذلك كما أخذ موسى من بنى إسرائيل اثنى عشر نقيبا ، فأشار إليهم جبرئيل عليهالسلام فقال : هذا نقيب ، وهذا نقيب ، تسعة من الخزرج ، وثلثة من الأوس ، فمن الخزرج سعد بن زرارة والبراء بن معرور ، وعبد الله بن حزام ، وأبو جابر بن عبد الله ، ورافع بن مالك ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو ، وعبد الله ابن رواحة ، وسعد بن الربيع ، وعبادة بن الصامت ، ومن الأوس ابو الهيثم بن التيهان وهو من اليمن ، وأسيد بن حضير وسعد بن خيثمة.
فلما اجتمعوا وبايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآله صاح إبليس : يا معشر قريش والعرب هذا محمد والصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم فأسمع أهل منى وهاجت قريش فأقبلوا بالسلاح ، وسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله النداء ، فقال للأنصار : تفرقوا فقالوا : يا رسول الله ان أمرتنا ان نميل عليهم بأسيافنا فعلنا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لم اومر بذلك ولم يأذن الله لي في محاربتهم ، قالوا : فتخرج معنا؟ قال : أنتظر أمر الله ، فجاءت قريش على بكرة أبيها (١) قد أخذوا السلاح ، وخرج حمزة وأمير المؤمنين عليهماالسلام ومعهما السيف فوقفا على العقبة فلما نظرت قريش إليهما قالوا : ما هذا الذي اجتمعتم له؟ فقال حمزة : ما اجتمعنا وما هاهنا أحد ، والله لا يجوز هذه العقبة أحد الا ضربته بسيفي ، فرجعوا الى مكة وقالوا : لا نأمن ان يفسد أمرنا ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد صلىاللهعليهوآله ، فاجتمعوا في الندوة وكان لا يدخل دار الندوة الا من قد أتى عليه أربعون سنة فدخلوا أربعين رجلا من
__________________
(١) اى جميعا لم يتخلف منهم أحد.