كما ذكرت ولكنا نعنى انه ابنه على معنى الكرامة وان لم يكن هناك ولادة ، كما قد يقول بعض علمائنا لمن يريد إكرامه وإبانته بالمنزلة عن غيره : يا بنى ، وانه إبني لا على إثبات ولادته منه. ولأنه قد يقول ذلك لمن هو اجنبى لا نسب بينه وبينه وكذلك لما فعل الله بعزير ما فعل كان قد اتخذه ابنا على الكرامة لا على الولادة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فهذا ما قلته لكم : انه ان وجب على هذا الوجه ان يكون عزير ابنه فان هذه المنزلة لموسى اولى وان الله يفضح كل مبطل بإقراره ويقلب عليه حجته ، لان ما احتججتم به يؤديكم الى ما هو أكبر مما ذكرته لكم ، لأنكم قلتم : ان عظيما من عظمائكم قد يقول لاجنبى لا نسب بينه وبينه : يا بنى وهذا إبني لا على طريق الولادة فقد تجدون أيضا هذا العظيم يقول لاجنبى آخر. هذا أخي ولآخر : هذا شيخي وابى ، ولآخر : هذا سيدي ويا سيدي على سبيل الإكرام ، وان من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول ، فاذا يجوز عندكم ان يكون موسى أخا لله أو شيخا له أو أبا أو سيدا ، لأنه قد زاده في الإكرام مما لعزير ، كما ان من زاد رجلا في الإكرام قال له : يا سيدي ويا شيخي ويا عمى ويا رئيسى على طريق الإكرام وان من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول أفيجوز عندكم ان يكون موسى أخا لله أو شيخا أو عما أو رئيسا أو سيدا أو أميرا لأنه قد زاده في الإكرام على من قال له : يا شيخي أو يا سيدي أو يا أميري أو يا عمى أو يا رئيسى ، قال : فبهت القوم وتحيروا وقالوا : يا محمد أجلنا نفكر فيما قتله لنا ، فقال : انظروا فيه بقلوب معتقدة للانصاف يهدكم الله ثم اقبل صلىاللهعليهوآله على النصارى فقال : وأنتم قلتم : ان القديم عزوجل اتحد بالمسيح عليهالسلام ابنه ، فما الذي أردتموه بهذا القول؟ أردتم ان القديم صار محدثا لوجود هذا المحدث الذي هو عيسى؟ أو المحدث الذي هو عيسى عليهالسلام صار قديما لوجود القديم الذي هو الله؟ أو معنى قولكم : انه اتحد به انه اختصه بكرامة لم يكرم بها أحدا سواه؟ فان أردتم ان القديم صار محدثا فقد أبطلتم ، لان القديم محال ان ينقلب فيصير محدثا ، وان أردتم ان المحدث صار قديما فقد أحلتم لان المحدث أيضا محال ان يصير قديما وان أردتم انه تحد به بان اختصه واصطفاه على ساير عباده فقد أقررتم بحدوث عيسى وبحدوث المعنى الذي اتحد به من اجله ، لأنه إذا كان عيسى محدثا وكان الله قد اتحد به بان أحدث به معنى صار به أكرم الخلق عنده فقد صار عيسى وذلك