البحر فأطبق عليهم فغرقهم أجمعين ، فلما أدرك فرعون الغرق (قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يقول الله عزوجل : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) يقول : كنت من العاصين (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) قال : ان قوم فرعون ذهبوا أجمعين في البحر فلم ير منهم أحد في البحر هووا الى النار فاما فرعون فنبذه الله عزوجل وحده فألقاه بالساحل لينظروا اليه وليعرفوه ليكون لمن خلفه آية ولئلا يشك أحد في هلاكه ، انهم كانوا اتخذوه ربا فأراهم الله عزوجل إياه جيفة ملقاة بالساحل ليكون لمن خلفه عبرة وعظة ، يقول الله (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ).
١٢٣ ـ قال على بن إبراهيم قال الصادق عليهالسلام : ما أتى جبرئيل رسول الله صلىاللهعليهوآله الا كئيبا حزينا ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون ، فلما أمره الله بنزول هذه الآية (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) نزل عليه وهو ضاحك مستبشر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أتيتنى يا جبرئيل الا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة؟ قال : نعم يا محمد لما غرق الله فرعون (قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فأخذت حمأة (١) فوضعتها في فيه ، ثم قلت له : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) وعملت ذلك من غير أمر الله عزوجل خفت أن يلحقه الرحمة من الله عزوجل ويعذبني الله على ما فعلت ، فلما كان الآن وأمرنى الله عزوجل ان أؤدي إليك ما قلته انا لفرعون أمنت وعلمت ان ذلك كان لله تعالى رضا.
١٢٤ ـ في تفسير العياشي عن أبى عمرو عن بعض أصحابنا يرفعه قال : لما صار موسى في البحر ، اتبعه فرعون وجنوده ، قال : فتهيب فرس فرعون ان يدخل البحر ، فتمثل له جبرئيل عليهالسلام على رمكة (٢) فلما راى فرس فرعون الرمكة اتبعها ، فدخل البحر هو وأصحابه فغرقوا.
١٢٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) فان موسى عليهالسلام أخبر بنى إسرائيل ان الله عزوجل قد أغرق فرعون فلم يصدقوه ، فأمر الله عزوجل البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتا ، وقوله عزوجل :
__________________
(١) الحمأة : الطين الأسود المنتن.
(٢) الرمكة : لاثنى من البراذين والفرس تتخذ للنسل.