١٧ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال :
حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن الثمالي قال : صليت مع على بن الحسين عليهماالسلام الفجر بالمدينة يوم جمعة فلما فرغ من صلوته وسبحته نهض الى منزله وانا معه ، فدعا مولاة له تسمى سكينة فقال لها : لا يعبر على بابى سائل الا أطعمتموه ، فان اليوم يوم الجمعة ، قلت له : ليس كل من يسأل مستحق ، فقال : يا ثابت أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا فلا نطعمه ونرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله أطعموهم أطعموهم ، ان يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه ، وان سائلا مؤمنا صواما محقا ، له عند الله منزلة وكان مجتازا غريبا اعتر (١) على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه : أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه وقد جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله ، فلما يئس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر (٢) وشكى جوعه الى الله عزوجل وبات طاويا (٣) وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا الله وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم.
قال : فأوحى الله عزوجل الى يعقوب في صبيحة تلك الليلة : لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استحدثت (٤) بها غضبى ، واستوجبت بها أدبى ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك ، يا يعقوب ان أحب انبيائى الى وأكرمهم على من رحم مساكين عبادي وقربهم اليه وأطعمهم ، وكان لهم مأوى وملجئا. يا يعقوب اما رحمت ذميال (٥) عبدي المجتهد في عبادته القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند
__________________
(١) الاعترار : إتيان الفقير للمعروف من غير أن يسئل.
(٢) استعبر : بكى حتى جرى دمعه.
(٣) الطاوى : الجائع.
(٤) وفي المصدر : «استجررت».
(٥) الظاهر ان ذميال اسم ذلك الرجل.