الناصبة (تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) ومن ذلك قال عزوجل : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) ويحك يا إبراهيم أتدري ما السبب والقصة في ذلك وما الذي قد خفي على الناس منه؟ قلت : يا ابن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه. قال : يا إبراهيم ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شيء ، ومن زعم ان الله عزوجل خلق الأشياء من شيء فقد كفر ، لأنه لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك الشيء أزليا ، بل خلق عزوجل الأشياء كلها لا من شيء ، ومما خلق الله عزوجل أرضا طيبة ثم فجر منها ماء عذبا زلالا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء عنها (١) فأخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الائمة عليهمالسلام ثم أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ولو ترك طينتكم يا إبراهيم كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئا واحدا قلت : يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا؟ قال : أخبرك يا إبراهيم خلق الله عزوجل بعد ذلك أرضا سبخة خبيثة منتنة [ثم] فجر منها ماءا أجاجا آسنا (٢) مالحا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء عنها ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأممهم (٣) ثم مزجه بثفل طينتكم ولو ترك طينتهم على حاله ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا أمانة ، ولا أشبهوكم في الصور ، وليس شيء على المؤمن (٤) أن يرى صورة عدوه مثل صورته ، قلت : يا ابن رسول الله فما صنع بالطينتين؟ قال : مزج بينهما بالماء الاول والماء الثاني ، ثم عركهما عرك الأديم (٥)
__________________
(١) نضب الماء : غار.
(٢) الاسن : المتغير الطعم.
(٣) وفي المصدر «وأئمتهم». ويمكن تصحيح المعنى على كلتا النسختين.
(٤) وفي المصدر «وليس شيء أكبر على المؤمن ... اه».
(٥) عرك الأديم : دلكه ، والأديم : الجلد المدبوغ.