صدعا (١) كادت تطير منه عقولهم لما سمعوا ذلك ، ثم اضطرب ذلك الجبل اضطرابا شديدا كالمرأة إذا أخذها المخاض ، ثم لم يفجأهم الا رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع فما استتمت رقبتها حتى اجترت ثم خرج ساير جسدها ثم استوت قائمة على الأرض فلما رأوا ذلك قالوا : يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك ادع لنا ربك يخرج لنا فصيلتها (٢) فسأل الله عزوجل فرمت به فدب حولها ، فقال لهم : يا قوم أبقى شيء؟ قالوا : لا انطلق بنا الى قومنا نخبرهم بما رأينا ويؤمنون بك ، قال : فرجعوا فلم يبلغ السبعون إليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا : سحر وكذب ، قال : فانتهوا الى الجميع فقال الستة : حق وقال الجميع كذب وسحر ، فانصرفوا على ذلك ثم ارتاب من الستة واحد وكان فيمن عقرها ، قال ابن محبوب : فحدثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا يقال له سعد بن يزيد ، فأخبرني انه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام ، قال فرأيناها جنبها قد حك الجبل ، فأثر جنبها فيه وجبل آخر بينه وبين هذا ميل.
١٨٩ ـ على بن محمد عن على بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام حديث طويل يذكر فيه قوم صالح ستقف عليه ان شاء الله في هود يقول عليهالسلام في آخره : فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل عليهالسلام فصرخ عليهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم ، وفلقت قلوبهم وصدعت أكبادهم ، وقد كانوا في تلك الثلاثة الأيام قد تحنطوا وتكفنوا وعلموا ان العذاب نازل بهم فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم ، فلم يبق لهم ثاغية ولا راغية (٣) ولا شيء الا أهلكه الله
__________________
(١) اى انشق الجبل شقا.
(٢) الفصيل : ولد الناقة.
(٣) الثاغية : الشاة. والراغية : البعير. وقولهم «ماله ثاغية ولا راغية» اى ماله شاة ولا ناقة ، وفي بعض النسخ «فلم يبق لهم ناعقة ولا راغية» والنعيق : صوت الراعي نفسه قال المجلسي (ره) في مرآة العقول : اى لم تبق منهم جماعة يأتى منهم النعيق والرعي ، لكن الاول أظهر وهو الموجود في روايات العامة أيضا في تلك القصة.