إبراهيم وفي الشهر الثالث عن غيره ، من المفسرين القمل وهو الجراد الصغار لا أجنحة له وهو شر ما يكون وأخبثه ، فأتى على زروعهم كلها وأفناها من أصلها فذهبت زروعهم ولحس الأرض كلها ، وقيل أمر موسى عليهالسلام أن يمشى على كثيب اعفر بقرية من قرى مصر يدعى عين الشمس ، فأتاه فضربه بعصاه فانثال عليهم (١) قملا فكان يدخل بين ثوب أحدهم فبعضه وكان يأكل أحدهم الطعام فيمتلى قملا ، قال سعيد بن جبير : القمل السوس الذي يخرج من الحبوب فكان الرجل يخرج عشرة اقفزة الى الرحا فيرد منها ثلثة اقفزة فلم يصابوا ببلاء كان أشد عليهم من القمل وأخذت أشعارهم وأبشارهم (٢) وأشفار عيونهم وحواجبهم ، ولزمت جلودهم كأنه الجدري عليهم ومنعتهم النوم والقرار فصرخوا وصاحوا فقال فرعون لموسى : ادع لنا ربك لئن كشفت عنا القمل لأكفن عن بنى إسرائيل ، فدعا موسى عليهالسلام حتى ذهب القمل بعد ما اقام عندهم سبعة أيام من السبت الى السبت ، فنكثوا فأنزل الله عليهم في السنة الرابعة وقيل في الشهر الرابع الضفادع فكانت يكون في طعامهم وشرابهم وامتلأت منها بيوتهم وآنيتهم فلا يكشف أحد ثوبا ولا إناء ولا طعاما ولا شرابا الا وجد فيه الضفادع ، وكانت تثب في قدورهم فتفسد عليهم وكان الرجل يجلس الى ذقنه في الضفادع ويهم ان يتكلم فيثب الضفدع في فيه ويفتح فاه لأكله فيسبق الضفدع أكلته الى فيه فلقوا منها أذى شديدا فلما رأوا ذلك بكوا وشكوا الى موسى عليهالسلام وقالوا : هذه المرة نتوب ولا نعود ، فادع الله أن يذهب عنا الضفادع فانا نؤمن بك ونرسل معك بنى إسرائيل ، فأخذ عهودهم ومواثيقهم ثم دعا ربه فكشف عنهم الضفادع بعد ما أقام عليهم سبعا من السبت الى السبت ثم نقضوا العهد وعادوا لكفرهم ، فلما كانت السنة الخامسة أرسل عليهم الدم فسال ماء النيل عليهم دما ، فكان القبطي يراه دما والاسرائيلى يراه ماءا ، فاذا شربه الاسرائيلى كان ماءا وإذا شربه القبطي كان دما ، وكان القبطي يقول للاسرائيلى : خذ الماء في فيك وصبه في في فكان إذا صبه في فم القبطي تحول دما ، وان فرعون اعتراه العطش حتى انه ليضطر الى مضغ الأشجار الرطبة فاذا مضغها يصير ماؤها في فيه دما ، فمكثوا في ذلك سبعة
__________________
(١) اى انصب وعليهم.
(٢) جمع البشرة ظاهر وجلد الإنسان.