ولا أهاليهم ، فلو كان عذرهم حقا لما حرصوا على الخروج إذا توقعوا المغانم ولأقبلوا على الاشتغال بأموالهم وأهليهم.
ولكون هذه المقالة صدرت منهم عن قريحة ورغبة لم يؤت معها بمجرور (لَكَ) كما أتي به في قوله : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ) آنفا لأن هذا قول راغب صادق غير مزوّر لأجل الترويج على النبي صلىاللهعليهوسلم كما علمت ذلك فيما تقدم.
واستغني عن وصفهم بأنهم من الأعراب لأن تعريف (الْمُخَلَّفُونَ) تعريف العهد ، أي المخلفون المذكورون.
وقوله : (إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها) متعلق ب (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) وليس هو مقول القول. و (إِذَا) ظرف للمستقبل ، ووقوع فعل المضي بعده دون المضارع مستعار لمعنى التحقيق ، و (إِذَا) قرينة على ذلك لأنها خاصة بالزمن المستقبل.
والمراد بالمغانم في قوله : (إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ) : الخروج إلى غزوة خيبر فأطلق عليها اسم مغانم مجازا لعلاقة الأول مثل إطلاق خمرا في قوله : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) [يوسف : ٣٦]. وفي هذا المجاز إيماء إلى أنهم منصورون في غزوتهم.
وأن النبي صلىاللهعليهوسلم لما رجع من الحديبيّة إلى المدينة أقام شهر ذي الحجة سنة وست وأياما من محرم سنة سبع ثم خرج إلى غزوة خيبر ورام المخلفون عن الحديبيّة أن يخرجوا معه فمنعهم لأن الله جعل غزوة خيبر غنيمة لأهل بيعة الرضوان خاصة إذ وعدهم بفتح قريب.
وقوله : (لِتَأْخُذُوها) ترشيح للمجاز وهو إيماء إلى أن المغانم حاصلة لهم لا محالة.
وذلك أن الله أخبر نبيئه صلىاللهعليهوسلم أنه وعد أهل الحديبيّة أن يعوضهم عن عدم دخول مكّة مغانم خيبر.
و (مَغانِمَ) : جمع مغنم وهو اسم مشتق من غنم إذا أصاب ما فيه نفع له كأنهم سموه مغنما باعتبار تشبيه الشيء المغنوم بمكان فيه غنم فصيغ له وزن المفعل.
وأشعر قوله : (ذَرُونا) بأن النبي صلىاللهعليهوسلم سيمنعهم من الخروج معه إلى غزو خيبر لأن الله أمره أن لا يخرج معه إلى خيبر إلا من حضر الحديبيّة ، وتقدم في قوله تعالى : (وَقالَ