تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) في سورة الإسراء [٢٣]. وقرأ نافع وحفص عن عاصم (أُفٍ) بكسر الفاء منونا. وقرأه ابن كثير وابن عامر ويعقوب (أُفٍ) بفتح الفاء غير منون. وقرأه الباقون أفّ بكسر الفاء غير منون ، وهي لغات ثلاث فيه.
واعلم أن في قوله تعالى : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) محسّن الاتزان فإنه بوزن مصراع من الرمل عروضه محذوفة ، وضربه محذوف ، وفيه الخبن والقبض ، ويزاد فيه الكف على قراءة غير نافع وحفص.
والاستفهام في (أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) إنكار وتعجب. والإخراج : البعث بعد الموت.
وجعلت جملة الحال وهي (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) قيدا لمنتهى الإنكار ، أي كيف يكون ذلك في حال مضيّ القرون.
والقرون : جمع قرن وهو الأمة التي تقارب زمان حياتها ، وفي الحديث «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم» الحديث ، وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً) [القصص : ٧٨].
والمعنى : أنه أحال أن يخرج هو من الأرض بعد الموت ، وقد مضت أمم كثيرة وطال عليها الزمن فلم يخرج منهم أحد. وهذا من سوء فهمه في معنى البعث أو من المغالطة في الاحتجاج لأن وعد البعث لم يوقت بزمن معين ولا أنه يقع في هذا العالم.
وقرأ الجمهور (أَتَعِدانِنِي) بنونين مفكّكين وقرأه هشام عن ابن عامر بإدغام النونين.
ومعنى (يَسْتَغِيثانِ اللهَ) يطلبان الغوث من الله ، أي يطلبان من الله الغوث بأن يهديه ، فالمعنى : يستغيثان الله له. وليست جملة (وَيْلَكَ آمِنْ) بيانا لمعنى استغاثتهما ولكنها مقول قول محذوف يدل عليه معنى الجملة. وكلمة (وَيْلَكَ) كلمة تهديد وتخويف.
والويل : الشر. وأصل ويلك : ويل لك كما في قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) [البقرة : ٧٩] ، فلما كثر استعماله وأرادوا اختصاره حذفوا اللام ووصلوا كاف الخطاب بكلمة (ويل) ونصبوه على نزع الخافض.
وفعل (آمِنْ) منزل منزلة اللازم ، أي اتصف بالإيمان وهو دعوة الإسلام ، وجملة