والضاد والظاء حرفان مختلفان والكلمات المؤلفة من أحدهما مختلفة المعاني غالبا إلا نحو حضض بضادين ساقطتين وحظظ بظاءين مشالين وحضظ بضاد ساقطة بعدها ظاء مشالة وثلاثتها بضم الحاء وفتح ما بعد الحاء. فقد قالوا : إنها لغات في كلمة ذات معنى واحد وهو اسم صمغ يقال له : خولان.
ولا شك أن الذين قرءوه بالظاء المشالة من أهل القراءات المتواترة وهم ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس عن يعقوب قد رووه متواترا عن النبي صلىاللهعليهوسلم ولذلك فلا يقدح في قراءتهم كونها مخالفة لجميع نسخ مصاحف الأمصار لأن تواتر القراءة أقوى من تواتر الخط إن اعتبر للخط تواتر.
وما ذكر من شرط موافقة القراءة لما في مصحف عثمان لتكون قراءة صحيحة تجوز القراءة بها ، إنما هو بالنسبة للقراءات التي لم ترو متواترة كما بيناه في المقدمة السادسة من مقدمات هذا التفسير.
وقد اعتذر أبو عبيدة عن اتفاق مصاحف الإمام على كتابتها بالضاد مع وجود الاختلاف فيها بين الضاد والظاء في القراءات المتواترة ، بأن قال : «ليس هذا بخلاف الكتّاب لأن الضاد والظاء لا يختلف خطهما في المصاحف إلا بزيادة رأس إحداهما على رأس الأخرى فهذا قد يتشابه ويتدانى» ا ه.
يريد بهذا الكلام أن ما رسم في المصحف الإمام ليس مخالفة من كتّاب المصاحف للقراءات المتواترة ، أي أنهم يراعون اختلاف القراءات المتواترة فيكتبون بعض نسخ المصاحف على اعتبار اختلاف القراءات وهو الغالب. وهاهنا اشتبه الرسم فجاءت الظاء دقيقة الرأس.
ولا أرى للاعتذار عن ذلك حاجة لأنه لما كانت القراءتان متواترتين عن النبيصلىاللهعليهوسلم اعتمد كتاب المصاحف على إحداهما وهي التي قرأ بها جمهور الصحابة وخاصة عثمان بن عفان ، وأوكلوا القراءة الأخرى إلى حفظ القارئين.
وإذ تواترت قراءة (بِضَنِينٍ) بالضاد الساقطة ، وبظنين بالظاء المشالة علمنا أن الله أنزله بالوجهين وأنه أراد كلا المعنيين.
فأما معنى «ضنين» بالضاد الساقطة فهو البخيل الذي لا يعطي ما عنده مشتقّ من الضنّ بالضاد مصدر ضنّ ، إذا بخل ، ومضارعه بالفتح والكسر.