الكلام أو التي يصح أن تراد في الآية عدة ، منها الغلب والمتابعة ، والسلوك ، والاقتحام ، والملازمة ، والرفعة.
وأصل تلك المعاني إما استعارة وإما تمثيل يقال : ركب أمرا صعبا وارتكب خطأ.
وأما كلمة (طَبَقٍ) فحقيقتها أنها اسم مفرد للشيء المساوي شيئا آخر في حجمه وقدره ، وظاهر كلام «الأساس» و «الصحاح» أن المساواة بقيد كون الطبق أعلى من الشّيء لمساويه فهو حقيقة في الغطاء فيكون من الألفاظ الموضوعة لمعنى مقيّد كالخوان والكأس ، وظاهر «الكشاف» أن حقيقته مطلق المساواة فيكون قيد الاعتلاء عارضا بغلبة الاستعمال ، يقال : طابق النعل النعل.
وأيّا ما كان فهو اسم على وزن فعل إما مشتق من المطابقة كاشتقاق الصفة المشبهة ثم عومل معاملة الأسماء وتنوسي منه الاشتقاق. وإما أن يكون أصله اسم الطبق وهو الغطاء لوحظ فيه التشبيه ثم تنوسي ذلك فجاءت منه مادة المطابقة بمعنى المساواة فيكون من المشتقات من الأسماء الجامدة.
ويطلق اسما مفردا للغطاء الذي يغطى به ، ومنه قولهم في المثل : «وافق شنّ طبقة» أي غطاءه وهذا من الحقيقة لأن الغطاء مساو لما يغطّيه. ويطلق الطبق على الحالة لأنها ملابسة لصاحبها كملابسة الطبق لما طبق عليه.
ويطلق اسما مفردا أيضا على شيء متخذ من أدم أو عود ويؤكل عليه وتوضع فيه الفواكه ونحوها ، وكأنه سمي طبقا لأن أصله أن يستعمل غطاء الآنية فتوضع فيه أشياء.
ويطلق اسم جمع لطبقة : وهي مكان فوق مكان آخر معتبر مثله في المقدار إلا أنه مرتفع عليه. وهذا من المجاز يقال : أتانا طبق من الناس ، أي جماعة.
ويقارن اختلاف معاني اللفظين اختلاف معنى (عَنْ) من مجاوزة وهي معنى حقيقي ، أو من مرادفة كلمة (بعد) وهو معنى مجازي.
وكذلك اختلاف وجه النصب للفظ طبقا بين المفعول به والحال ، وتزداد هذه المحامل إذا لم تقصر الجمل على ما له مناسبة بسياق الكلام من موقع الجملة عقب آية : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ) [الانشقاق : ٦] الآيات. ومن وقوعها بعد القسم المشعر بالتأكيد ، ومن اقتضاء فعل المضارعة بعد القسم أنه للمستقبل. فتتركب من هذه المحامل معان كثيرة صالحة لتأويل الآية.