إدماج الإيماء إلى وعيد أصحاب القصة المقسم على مضمونها ، ووعيد أمثالهم المعرّض بهم.
ومناسبة القسم ب (شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) على اختلاف تأويلاته ، ستذكر عند ذكر التأويلات وهي قريبة من مناسبة القسم باليوم الموعود ، ويقابله في المقسم عليه قوله : (وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ)
والبروج : تطلق على علامات من قبة الجو يتراءى للناظر أن الشمس تكون في سمتها مدة شهر من أشهر السنة الشمسية ، فالبرج : اسم منقول من اسم البرج بمعنى القصر لأن الشمس تنزله أو منقول من البرج بمعنى الحصن.
والبرج السماوي يتألف من مجموعة نجوم قريب بعضها من بعض لا تختلف أبعادها أبدا ، وإنما سمّي برجا لأن المصطلحين تخيلوا أن الشمس تحلّ فيه مدّة فهو كالبرج ، أي القصر ، أو الحصن ، ولما وجدوا كل مجموعة منها يخال منها شكل لو أحيط بإطار لخط مفروض لأشبه محيطها محيط صورة تخيلية لبعض الذوات من حيوان أو نبات أو آلات ، ميّزوا بعض تلك البروج من بعض بإضافته إلى اسم ما تشبهه تلك الصورة تقريبا فقالوا : برج الثّور ، برج الدلو ، برج السنبلة مثلا.
وهذه البروج هي في التّحقيق : سموت تقابلها الشمس في فلكها مدة شهر كامل من أشهر السنة الشمسية يوقتون بها الأشهر والفصول بموقع الشمس نهارا في المكان الذي تطلع فيه نجوم تلك البروج ليلا ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) في سورة الفرقان [٦١].
و (شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) مراد بهما النوع. فالشاهد : الرائي ، أو المخبر بحق لإلزام منكره. والمشهود : المرئي أو المشهود عليه بحق. وحذف متعلق الوصفين لدلالة الكلام عليه فيجوز أن يكون الشاهد حاضر ذلك اليوم الموعود من الملائكة قال تعالى : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) [ق : ٢١].
ويجوز أن يكون الشاهد الله تعالى ويؤيده قوله : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أو الرسل والملائكة.
والمشهود : الناس المحشورون للحساب وهم أصحاب الأعمال المعرّضون للحساب لأن العرف في المجامع أن الشاهد فيها : هو السالم من مشقتها وهم النظارة الذين يطّلعون