قد جبر الدين الإله فجبر
وأنه سماعي.
وأطنب في وصف هذا الماء الدافق لإدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين ليستيقظ الجاهل الكافر ويزداد المؤمن علما ويقينا.
ووصف أنه يخرج من (بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) لأن الناس لا يتفطنون لذلك.
والخروج مستعمل في ابتداء التنقل من مكان إلى مكان ولو بدون بروز فإن بروز هذا الماء لا يكون من بين الصلب والترائب.
و (الصُّلْبِ) : العمود العظمي الكائن في وسط الظهر ، وهو ذو الفقرات.
و (التَّرائِبِ) : جمع تريبة ، ويقال : تريب. ومحرّر أقوال اللغويين فيها أنها عظام الصدر التي بين الترقوتين والثّديين ووسموه بأنه موضع القلادة من المرأة.
والترائب تضاف إلى الرجل وإلى المرأة ، ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء لعدم احتياجهم إلى وصفها في الرجال.
وقوله : (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) الضمير عائد إلى (ماءٍ دافِقٍ) وهو المتبادر فتكون جملة (يَخْرُجُ) حالا من (ماءٍ دافِقٍ) أي يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه. وبهذا قال سفيان والحسن ، أي أن أصل تكوّن ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب ، وليس المعنى أنه يمر بين الصلب والترائب إذ لا يتصور ممر بين الصلب والترائب لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورئتين.
فجعل الإنسان مخلوقا من ماء الرجل لأنه لا يتكوّن جسم الإنسان في رحم المرأة إلا بعد أن يخالطها ماء الرجل فإذا اختلط ماء الرجل بما يسمى ماء المرأة وهو شيء رطب كالماء يحتوي على بويضات دقيقة يثبت منها ما يتكوّن منه الجنين ويطرح ما عداه.
وهذا مخاطبة للناس بما يعرفون يومئذ بكلام مجمل مع التنبيه على أن خلق الإنسان من ماء الرجل وماء المرأة بذكر الترائب لأن الأشهر أنها لا تطلق إلا على ما بين ثديي المرأة.
ولا شك أن النسل يتكون من الرجل والمرأة فيتكون من ماء الرجل وهو سائل فيه