وما تضمنه من التذكير وذلك لعلو شأنه فهو من متعلقات وصف العلوّ الإلهي إذ هو كلامه.
وهذا الوصف هو ملاك القانون في تفسير صفات الله تعالى ومحاملها على ما يليق بوصف الأعلى فلذلك وجب تأويل المتشابهات من الصفات.
وقد جعل من قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) دعاء السجود في الصلاة إذ ورد أن يقول الساجد : سبحان ربي الأعلى ، ليقرن أثر التنزيه الفعلي بأثر التنزيه القولي.
وجملة : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) اشتملت على وصفين : وصف الخلق ووصف تسوية الخلق ، وحذف مفعول (خَلَقَ) فيجوز أن يقدر عامّا ، وهو ما قدره جمهور المفسرين ، وروي عن عطاء ، وهو شأن حذف المفعول إذا لم يدل عليه دليل ، أي خلق كل مخلوق فيكون كقوله تعالى حكاية عن قول موسى : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [طه : ٥٠].
ويجوز أن يقدر خاصا ، أي خلق الإنسان كما قدره الزجاج ، أو خلق آدم كما روي عن الضحاك ، أي بقرينة قرن فعل (خَلَقَ) بفعل «سوى» قال تعالى : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) [الحجر : ٢٩] الآية.
وعطف جملة : (فَسَوَّى) بالفاء دون الواو للإشارة إلى أن مضمونها هو المقصود من الصلة وأن ما قبله توطئة له كما في قول ابن زيابة :
يا لهف زيابة للحارث الصّ |
|
ابح فالغانم فالآئب |
لأن التلهف يحق إذا صبحهم فغنم أموالهم وآب بها ولم يستطيعوا دفاعه ولا استرجاعه.
فالفاء من قوله : (فَسَوَّى) للتفريع في الذكر باعتبار أن الخلق مقدم في اعتبار المعتبر على التسوية ، وإن كان حصول التسوية مقارنا لحصول الخلق.
والتسوية : تسوية ما خلقه فإن حمل على العموم فالتسوية أن جعل كل جنس ونوع من الموجودات معادلا ، أي مناسبا للأعمال التي في جبلته فاعوجاج زبانى العقرب من تسوية خلقها لتدفع عن نفسها بها بسهولة.
ولكونه مقارنا للخلقة عطف على فعل (خَلَقَ) بالفاء المفيدة للتسبب ، أي ترتّب