وهذا التغيير لا يرفع بركة الأيام الجارية فيها المناسك قبل حجة الوداع لأن الله عظمها لأجل ما يقع فيها من مناسك الحج إذ هو عبادة لله خاصة.
فأوقات العبادات تعيين لإيقاع العبادة فلا شك أن للوقت المعين لإيقاعها حكمة علمها الله تعالى ولذلك غلب في عبارات الفقهاء وأهل الأصول إطلاق اسم السبب على الوقت لأنهم يريدون بالسبب المعرّف بالحكم ولا يريدون به نفس الحكمة.
وتعيين الأوقات للعبادات مما انفرد الله به ، فلأوقات العبادات حرمات بالجعل الرباني ، ولكن إذا اختلت أو اختلطت لم يكن اختلالها أو اختلاطها بقاض بسقوط العبادات المعينة لها.
فقسم الله تعالى بالليالي العشر في هذه مما نزل بمكة قسم بما في علمه من تعيينها في علمه.
و (الشَّفْعِ) : ما يكون ثانيا لغيره ، و (الْوَتْرِ) : الشيء المفرد ، وهما صفتان لمحذوف ، فعن جابر بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أن الشفع يوم النحر ذلك لأنه عاشر ذي الحجة ومناسبة الابتداء بالشفع أنه اليوم العاشر فناسب قوله : (وَلَيالٍ عَشْرٍ) ، وأن الوتر يوم عرفة رواه أحمد بن حنبل والنسائي وقد تقدم آنفا ، وعلى هذا التفسير فذكر الشفع والوتر تخصيص لهذين اليومين بالذكر للاهتمام ، بعد شمول الليالي العشر لهما.
وفي «جامع الترمذي» عن عمران بن حصين أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الشفع والوتر والصلاة منها شفع ومنها وتر». قال الترمذي : وهو حديث غريب وفي «العارضة أن في سنده مجهولا ، قال ابن كثير : «وعندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه».
وينبغي حمل الآية على كلا التفسيرين.
وقيل : الشفع يومان بعد يوم منى ، والوتر اليوم الثالث وهي الأيام المعدودات فتكون غير الليالي العشر.
وتنكير (لَيالٍ) وتعريف (الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) مشير إلى أن الليالي العشر ليال معينة وهي عشر ليال في كل عام ، وتعريف (الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) يؤذن بأنهما معروفان وبأنهما الشفع والوتر من الليالي العشر.
وفي تفسير (الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) أقوال ثمانية عشر وبعضها متداخل استقصاها القرطبي ، وأكثرها لا يحسن حمل الآية عليه إذ ليست فيها مناسبة للعطف على ليال عشر.
وقرأ الجمهور : (وَالْوَتْرِ) بفتح الواو وهي لغة قريش وأهل الحجاز. وقرأه حمزة