ثناء على هذه النفس ويجوز أن يكون من هدوء النفس بدون خوف ولا فتنة في الآخرة.
وفعله من الرباعي المزيد وهو بوزن افعللّ. والأصح أنه مهموز اللام الأولى وأن الميم عين الكلمة كما ينطق به وهذا قول أبي عمرو. وقال سيبويه : أصل الفعل : طأمن فوقع فيه قلب مكاني فقدمت الميم على الهمزة فيكون أصل مطمئنة عنده مطأمنّة ومصدره اطمئنان وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) في سورة البقرة [٢٦٠] وقوله : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) في سورة النساء [١٠٣].
ووصف (النَّفْسُ) ب (الْمُطْمَئِنَّةُ) ليس وصفا للتعريف ولا للتخصيص ، أي لتمييز المخاطبين بالوصف الذي يميزهم عمن عداهم فيعرفون أنهم المخاطبون المأذونون بدخول الجنة لأنهم لا يعرفون أنهم مطمئنون إلا بعد الإذن لهم بدخول الجنة ، فالوصف مراد به الثناء والإيماء إلى وجه بناء الخبر. وتبشير من وجه الخطاب إليهم بأنهم مطمئنون آمنون. ويجوز أن يكون للتعريف أو التخصيص بأن يجعل الله إلهاما في قلوبهم يعرفون به أنهم مطمئنون.
والاطمئنان : مجاز في طيب النفس وعدم ترددها في مصيرها بالاعتقاد الصحيح فيهم حين أيقنوا في الدنيا بأن ما جاءت به الرسل حق فذلك اطمئنان في الدنيا ومن أثره اطمئنانهم يوم القيامة حين يرون مخائل الرضى والسعادة نحوهم ويرون ضد ذلك نحو أهل الشقاء.
وقد فسر الاطمئنان : بيقين وجود الله ووحدانيته ، وفسر باليقين بوعد الله ، وبالإخلاص في العمل ، ولا جرم أن ذلك كله من مقومات الاطمئنان المقصود فمجموعه مراد وأجزاؤه مقصودة ، وفسر بتبشيرهم بالجنة ، أي قبل ندائهم ثم نودوا بأن يدخلوا الجنة.
والرجوع يحتمل الحقيقة والمجاز كما علمت من الوجوه المتقدمة في معنى الآية.
والراضية : التي رضت بما أعطيته من كرامة وهو كناية عن إعطائها كل ما تطمح إليه.
والمرضية : اسم مفعول وأصله : مرضيا عنها ، فوقع فيه الحذف والإيصال فصار نائب فاعل بدون حرف الجر ، والمقصود من هذا الوصف زيادة الثناء مع الكناية عن الزيادة في إفاضة الإنعام لأن المرضي عنه يزيده الراضي عنه من الهبات والعطايا فوق ما