فمفعول (كَذَّبَتْ) محذوف لدلالة قوله بعده : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) والتقدير : كذبوا رسول الله.
وتقدم ذكر ثمود ورسولهم صالح عليهالسلام في سورة الأعراف.
وباء (بِطَغْواها) للسببية ، أي كانت طغواها سبب تكذيبهم رسول الله إليهم.
والطغوى : اسم مصدر يقال : طغا طغوا وطغيانا ، والطغيان : فرط الكبر ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) في سورة البقرة [١٥] ، وفيه تعريض بتنظير مشركي قريش في تكذيبهم بثمود في أن سبب تكذيبهم هو الطغيان والتكبر عن اتباع من لا يرون له فضلا عليهم : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١].
و (إِذِ) ظرف للزمن الماضي يتعلق ب (طغواها) لأن وقت انبعاث أشقاها لعقر الناقة هو الوقت الذي بدت فيه شدة طغواها فبعثوا أشقاهم لعقر الناقة التي جعلت لهم آية وذلك منتهى الجرأة.
و (انْبَعَثَ) : مطاوع بعث ، فالمعنى : إذ بعثوا أشقاهم فانبعث وانتدب لذلك. و (إِذِ) مضاف إلى جملة : (انْبَعَثَ أَشْقاها).
وقدم ذكر هذا الظرف عن موقعه بعد قوله : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ) لأن انبعاث أشقاها لعقر الناقة جزئي من جزئيات طغواهم فهو أشد تعلقا بالتكذيب المسبب عن الطغوى ففي تقديمه قضاء لحق هذا الاتصال ، ولإفادة أن انبعاث أشقاهم لعقر الناقة كان عن إغراء منهم إياه ، ولا يفوت مع ذلك أنه وقع بعد أن قال لهم رسول الله ناقة الله ، ويستفاد أيضا من قوله : (فَعَقَرُوها).
و (أَشْقاها) : أشدها شقوة ، وعني به رجل منهم سماه المفسرون قدار (بضم القاف وتخفيف الدال المهملة) بن سالف ، وزيادته عليهم في الشقاوة بأنه الذي باشر الجريمة وإن كان عن ملإ منهم وإغراء.
والفاء من قوله : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) عاطفة على (كَذَّبَتْ) فتفيد الترتيب والتعقيب كما هو الغالب فيها ، ويكون معنى الكلام : كذبوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتحداهم بآية الناقة وحذّرهم من التعرض لها بسوء ومن منعهم شربها في نوبتها من السّقيا ، وعطف على (فَكَذَّبُوهُ) ، أي فيما أنذرهم به فعقروها بالتكذيب المذكور أول مرة غير التكذيب المذكور