قراءة ما يكتب بالقلم. وفي الآية إشارة إلى الاهتمام بعلم الكتابة وبأن الله يريد أن يكتب للنبي صلىاللهعليهوسلم ما ينزل عليه من القرآن فمن أجل ذلك اتخذ النبي صلىاللهعليهوسلم كتابا للوحي من مبدإ بعثته.
وفي الاقتصار على أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بالقراءة ثم إخباره بأن الله علّم الإنسان بالقلم إيماء إلى استمرار صفة الأمية للنبي صلىاللهعليهوسلم لأنّها وصف مكمّل لإعجاز القرآن قال تعالى :(وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت : ٤٨].
وهذه آخر الخمس الآيات التي هي أول ما أنزل على النبي صلىاللهعليهوسلم في غار حراء.
[٦ ـ ١٠] (كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (٧) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠))
استئناف ابتدائي لظهور أنه في غرض لا اتصال له بالكلام الذي قبله.
وحرف (كَلَّا) ردع وإبطال ، وليس في الجملة التي قبله ما يحتمل الإبطال والردع ، فوجود (كَلَّا) في أول الجملة دليل على أن المقصود بالردع هو ما تضمنه قوله : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلَّى) الآية.
وحقّ (كَلَّا) أن تقع بعد كلام لإبطاله والزجر عن مضمونه ، فوقوعها هنا في أول الكلام يقتضي أن معنى الكلام الآتي بعدها حقيق بالإبطال وبردع قائله ، فابتدئ الكلام بحرف الردع للإبطال ، ومن هذا القبيل أن يفتتح الكلام بحرف نفي ليس بعده ما يصلح لأن يلي الحرف كما في قول امرئ القيس :
فلا وأبيك ابنة العامر |
|
يّ لا يدّعي القوم أنّي أفرّ |
روى مسلم عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : «قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه (أي يسجد في الصلاة) بين أظهركم؟ فقيل : نعم ، فقال : واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته فأتى رسول الله وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتّقي بيده. فقيل له : ما لك يا أبا الحكم؟ قال : إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا قال : فأنزل الله ، لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) الآيات ا ه.