فالمعنى : إذا زلزلت الأرض زلزالا.
وأضيف (زِلْزالَها) إلى ضمير الأرض لإفادة تمكّنه منها وتكرره حتى كأنه عرف بنسبته إليها لكثرة اتصاله بها كقول النابغة :
أسائلتي سفاهتها وجهلا |
|
على الهجران أخت بني شهاب |
أي سفاهة لها ، أي هي معروفة بها ، وقول أبي خالد القناني :
والله أسماك سمى مباركا |
|
آثرك الله به إيثاركا |
يريد إيثارا عرفت به واختصصت به. وفي كتب السيرة أن من كلام خطر بن مالك الكاهن يذكر شيطانه حين رجم «بلبله بلباله» أي بلبال متمكن منه. وإعادة لفظ الأرض في قوله : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) إظهار في مقام الإضمار لقصد التهويل.
والأثقال : جمع ثقل بكسر المثلثة وسكون القاف وهو المتاع الثقيل ، ويطلق على المتاع النفيس.
وإخراج الأرض أثقالها ناشئ عن انشقاق سطحها فتقذف ما فيها من معادن ومياه وصخر.
وذلك من تكرر الانفجارات الناشئة عن اضطراب داخل طبقاتها وانقلاب أعاليها أسافل والعكس.
والتعريف في (الْإِنْسانُ) تعريف الجنس المفيد للاستغراق ، أي وقال الناس ما لها ، أي الناس الذين هم أحياء ففزعوا وقال بعضهم لبعض ، أو قال كل أحد في نفسه حتى استوى في ذلك الجبان والشجاع ، والطائش والحكيم ، لأنه زلزال تجاوز الحدّ الذي يصبر على مثله الصّبور.
وقول : (ما لَها) استفهام عن الشيء الذي ثبت للأرض ولزمها لأن اللام تفيد الاختصاص ، أي ما للأرض في هذا الزلزال ، أو ما لها زلزلت هذا الزلزال ، أي ما ذا ستكون عاقبته. نزلت الأرض منزلة قاصد مريد يتساءل الناس عن قصده من فعله حيث لم يتبين غرضه منه ، وإنما يقع مثل هذا الاستفهام غالبا مردفا بما يتعلق بالاستقرار الذي في الخبر مثل أن يقال : ما له يفعل كذا ، أو ما له في فعل كذا ، أو ما له وفلانا ، أي معه ، فلذلك وجب أن يكون هنا مقدّر ، أي ما لها زلزلت ، أو ما لها في هذا الزلزال ، أو ما لها