وعدي فعل (أَوْحى) باللام لتضمين (أَوْحى) معنى قال كقوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) [فصلت : ١١] ، وإلا فإن حق (أَوْحى) أن يتعدى بحرف (إلى).
والقول المضمّن هو قول التكوين قال تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل : ٤٠].
وإنما عدل عن فعل : قال لها إلى فعل (أَوْحى لَها) لأنه حكاية عن تكوين لا عن قول لفظي.
وقوله : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً) بدل من جملة : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) والجواب هو فعل (يَصْدُرُ النَّاسُ) وقوله : (يَوْمَئِذٍ) يتعلق به ، وقدم على متعلقه للاهتمام. وهذا الجواب هو المقصود من الكلام لأن الكلام مسوق لإثبات الحشر والتذكير به والتحذير من أهواله فإنه عند حصوله يعلم الناس أن الزلزال كان إنذارا بهذا الحشر.
وحقيقة (يَصْدُرُ النَّاسُ) الخروج من محل اجتماعهم ، يقال : صدر عن المكان ، إذا تركه وخرج منه صدورا وصدرا بالتحريك. ومنه الصدر عن الماء بعد الورد ، فأطلق هنا فعل (يَصْدُرُ) على خروج الناس إلى الحشر جماعات ، أو انصرافهم من المحشر إلى مآويهم من الجنة أو النار ، تشبيها بانصراف الناس عن الماء بعد الورد.
وأشتات : جمع شتّ بفتح الشين وتشديد الفوقية وهو المتفرق ، والمراد : يصدرون متفرقين جماعات كل إلى جهة بحسب أعمالهم وما عيّن لهم من منازلهم.
وأشير إلى أن تفرقهم على حسب تناسب كل جماعة في أعمالها من مراتب الخير ومنازل الشر بقوله : (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) ، أي يصدرون لأجل تلقي جزاء الأعمال التي عملوها في الحياة الدنيا فيقال لكل جماعة : انظروا أعمالكم ، أو انظروا مآلكم.
وبني فعل (لِيُرَوْا) إلى النائب لأن المقصود رؤيتهم أعمالهم لا تعيين من يريهم إياها. وقد أجمع القراء على ضم التحتية.
فالرؤية مستعملة في رؤية البصر والمرئي هو منازل الجزاء ، ويجوز أن تكون الرؤية مستعملة في العلم بجزاء الأعمال فإن الأعمال لا ترى ولكن يظهر لأهلها جزاؤها.