وحده ، أي عدم إطعامه أحدا معه ، أو عدم إطعامه المحاويج إغضاء عن بعض مراتب شكر النعمة ، وكذلك منعه الرفد ، ومثله : ضربه عبده فإن فيه نسيانا لشكر الله الذي جعل العبد ملكا له ولم يجعله ملكا للعبد فيدل على أن ما هو أشد من ذلك أولى بوصف الكنود.
وقيل التعريف في (الْإِنْسانَ) للعهد ، وأن المراد به الوليد بن المغيرة ، وقيل : قرطة بن عبد عمرو بن نوفل القرشي.
واللام في (لِرَبِّهِ) لام التقوية لأن (كنود) وصف ليس أصيلا في العمل ، وإنما يتعلق بالمعمولات لمشابهته الفعل في الاشتقاق فيكثر أن يقترن مفعوله بلام التقوية ، ومع تأخيره عن معموله.
وتقديم (لِرَبِّهِ) لإفادة الاهتمام بمتعلق هذا الكنود لتشنيع هذا الكنود بأنه كنود للرب الذي هو أحق الموجودات بالشكر وأعظم ذلك شرك المشركين ، ولذلك أكد الكلام بلام الابتداء الداخلة على خبر (إنّ) للتعجيب من هذا الخبر.
وتقديم (لِرَبِّهِ) على عامله المقترن بلام الابتداء وهي من ذوات الصدر لأنهم يتوسعون في المجرورات والظروف ، وابن هشام يرى أن لام الابتداء الواقعة في خبر (إنّ) ليست بذات صدارة.
وضمير (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) عائد إلى الإنسان على حسب الظاهر الذي يقتضيه انتساق الضمائر واتحاد المتحدث عنه وهو قول الجمهور.
والشهيد : يطلق على الشاهد وهو الخبر بما يصدّق دعوى مدع ، ويطلق على الحاضر ومنه جاء إطلاقه على العالم الذي لا يفوته المعلوم ، ويطلق على المقر لأنه شهد على نفسه.
والشهيد هنا : إما بمعنى المقر كما في «أشهد أن لا إله إلا الله».
والمعنى : أن الإنسان مقر بكنوده لربه من حيث لا يقصد الإقرار ، وذلك في فلتات الأقوال مثل قول المشركين في أصنامهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣]. فهذا قول يلزمه اعترافهم بأنهم عبدوا ما لا يستحق أن يعبد وأشركوا في العبادة مع المستحق للانفراد بها ، أليس هذا كنودا لربهم ، قال تعالى : (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) [الأنعام : ١٣٠] ، وفي فلتات الأفعال كما يعرض للمسلم في المعاصي.