فلان لا يقام له وزن ، قال تعالى : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [الكهف : ١٠٥] ، وقال النابغة :
وميزانه في سورة المجد ماتع
أي راجح وهذا متبادر في العربية فلذلك لم يصرح في الآية بذكر ما يثقل الموازين لظهور أنه العمل الصالح.
وقد ورد ذكر الميزان للأعمال يوم القيامة كثيرا في القرآن ، قال ابن العربي في «العواصم» : لم يرد حديث صحيح في الميزان. والمقصود عدم فوات شيء من الأعمال ، والله قادر على أن يجعل ذلك يوم القيامة بآلة أو بعمل الملائكة أو نحو ذلك.
والعيشة : اسم مصدر العيش كالخيفة اسم للخوف. أي في حياة.
ووصف الحياة ب (راضِيَةٍ) مجاز عقلي لأن الراضي صاحبها راض بها فوصفت به العيشة لأنها سبب الرضى أو زمان الرضى.
وقوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) إخبار عنه بالشقاء وسوء الحال ، فالأم هنا يجوز أن تكون مستعملة في حقيقتها. وهاوية : هالكة ، والكلام تمثيل لحال من خفّت موازينه يومئذ بحال الهالك في الدنيا لأن العرب يكنون عن حال المرء بحال أمه في الخير والشر لشدة محبتها ابنها فهي أشد سرورا بسروره وأشد حزنا بما يحزنه. صلّى أعرابي وراء إمام فقرأ الإمام : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) [النساء : ١٢٥] فقال الأعرابي : «لقد قرّت عين أمّ إبراهيم» ومنه قول ابن زيابة حين تهدده الحارث بن همّام الشيباني :
يا لهف زيّابة للحارث الصا |
|
بح فالغانم فالآئب |
ويقولون في الشر : هوت أمه ، أي أصابه ما تهلك به أمه ، وهذا كقولهم : ثكلته أمه ، في الدعاء ، ومنه ما يستعمل في التعجب وأصله الدعاء كقول كعب بن سعد الغنوي في رثاء أخيه أبي المغوار :
هوت أمّه ما يبعث الصبح غاديا |
|
وما ذا يردّ الليل حين يئوب |
أي ما ذا يبعث الصبح منه غاديا وما يردّ الليل حين يئوب غانما ، وحذف منه في الموضعين اعتمادا على قرينة رفع الصبح والليل وذكر : غاديا ويئوب و (من) المقدّرة تجريدية فالكلام على التجريد مثل : لقيت منه أسدا.