فاستعمل المركب الذي يقال عند حال الهلاك وسوء المصير في الحالة المشبهة بحال الهلاك ، ورمز إلى التشبيه بذلك المركب ، كما تضرب الأمثال السائرة.
ويجوز أن يكون «أمه» مستعارا لمقره ومآله لأنه يأوي إليه كما يأوي الطفل إلى أمه.
و (هاوِيَةٌ) المكان المنخفض بين الجبلين الذي إذا سقط فيه إنسان أو دابة هلك ، يقال : سقط في الهاوية.
وأريد بها جهنم ، وقيل : هي اسم لجهنم ، أي فمأواه جهنم.
ويجوز أن يكون «أمه» على حذف مضاف ، أي أم رأسه ، وهي أعلى الدماغ ، و (هاوِيَةٌ) ساقطة من قولهم سقط على أم رأسه ، أي هلك.
(وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) : تهويل كما تقدم آنفا.
وضمير (هِيَهْ) عائد إلى (هاوِيَةٌ) ، فعلى الوجه الأول يكون في الضمير استخدام ، إذ معاد الضمير وصف هالكة ، والمراد منه اسم جهنم كما في قول معاوية بن مالك الملقّب معوّذ الحكماء :
إذا نزل السماء بأرض قوم |
|
رعيناه وإن كانوا غضابا |
وعلى الوجه الثاني يعود الضمير إلى (هاوية) وفسرت بأنها قعر جهنم.
وعلى الوجه الثالث يكون في (هِيَهْ) استخدام أيضا كالوجه الأول.
والهاء التي لحقت ياء (هي) هاء السكت ، وهي هاء تجلب لأجل تخفيف اللفظ عند الوقف عليه ، فمنه تخفيف واجب تجلب له هاء السكت لزوما ، وبعضه حسن ، وليس بلازم وذلك في كل اسم أو حرف بآخره حركة بناء دائمة مثل : هو ، وهي ، وكيف ، وثم ، وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) في سورة الحاقة [١٩].
وجمهور القراء أثبتوا النطق بهذه الهاء في حالتي الوقف والوصل ، وقرأ حمزة وخلف بإثبات الهاء في الوقف وحذفها في الوصل.
وجملة : (نارٌ حامِيَةٌ) بيان لجملة : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) ، والمعنى : هي نار حامية. وهذا من حذف المسند إليه الذي اتّبع في حذفه استعمال أهل اللغة.