(لَمْ) كما تقدم في قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) في سورة الضحى [٦ ، ٧] ، فكأنه قيل : أليس جعل كيدهم في تضليل.
والطير : اسم جمع طائر ، وهو الحيوان الذي يرتفع في الجو بعمل جناحيه. وتنكيره للنوعية لأنه نوع لم يكن معروفا عند العرب. وقد اختلف القصّاصون في صفته اختلافا خياليا. والصحيح ما روي عن عائشة : أنها أشبه شيء بالخطاطيف ، وعن غيرها أنها تشبه الوطواط.
و (أَبابِيلَ) : جماعات. قال الفراء وأبو عبيدة : أبابيل اسم جمع لا واحد له من لفظه مثل عباديد وشماطيط وتبعهما الجوهري ، وقال الرّؤاسي والزمخشري : واحد أبابيل إبّالة مشددة الموحدة مكسورة الهمزة. ومنه قولهم في المثل : «ضغث على إبّالة» وهي الحزمة الكبيرة من الحطب. وعليه فوصف الطير بأبابيل على وجه التشبيه البليغ.
وجملة (تَرْمِيهِمْ) حال من (طَيْراً) وجيء بصيغة المضارع لاستحضار الحالة بحيث تخيل للسامع كالحادثة في زمن الحال ومنه قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) [فاطر : ٩] الآية.
وحجارة : اسم جمع حجر. عن ابن عباس قال : طين في حجارة ، وعنه أن سجيل معرب سنك كل من الفارسية ، أي عن كلمة (سنك) وضبط بفتح السين وسكون النون وكسر الكاف اسم الحجر وكلمة (كل) بكسر الكاف اسم الطين ومجموع الكلمتين يراد به الآجر.
وكلتا الكلمتين بالكاف الفارسية المعمّدة وهي بين مخرج الكاف ومخرج القاف ، ولذلك تكون (مِنْ) بيانية ، أي حجارة هي سجيل ، وقد عد السبكي كلمة سجيل في «منظومته في المعرّب الواقع في القرآن».
وقد أشار إلى أصل معناه قوله تعالى : (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ) [الذاريات: ٣٣] مع قوله في آيات أخر (حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) فعلم أنه حجر أصله طين.
وجاء نظيره في قصة قوم لوط في سورة هود [٨٢] : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) وفي سورة الحجر [٧٤] : (فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) فتعين أن تكون الحجارة التي أرسلت على أصحاب الفيل من جنس الحجارة التي أمطرت على قوم لوط ، أي ليست حجرا صخريا ولكنها طين متحجر دلالة على أنها