أخرج البخاري عن عمرو بن سلمة قال : «لما كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكانت الأحياء تتلوم بإسلامها فتح مكة فيقولون دعوه وقومه فإن ظهر عليهم فهو نبيء».
وعن الحسن : لما فتحت مكة أقبلت العرب بعضها على بعض فقالوا : أما إذ ظفر بأهل الحرم فليس لنا به يدان فكانوا يدخلون في الإسلام أفواجا. فعلى قول الجمهور في أن الفتح هو فتح مكة يستقيم أن تكون هذه السورة نزلت بعد فتح خيبر وهو قول الأكثرين في وقت نزولها.
ويحتمل على قول القائلين بأنها نزلت عقب غزوة حنين أن يكون الفتح قد مضى ويكون التعليق على مجموع فتح مكة ومجيء نصر من الله آخر ودخول الناس في الإسلام وذلك بما فتح عليه بعد ذلك ودخول العرب كلهم في الإسلام سنة الوفود.
وعلى ما روي عن ابن عمر : «أنها نزلت في حجة الوداع» يكون تعليق جملة : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) على الشرط الماضي مرادا به التذكير بأنه حصل ، أي إذا تحقق ما وعدناك به من النصر والفتح وعموم الإسلام بلاد العرب فسبح بحمد ربك ، وهو مراد من قال من المفسرين (إِذا) بمعنى (قد) ، فهو تفسير حاصل المعنى ، وليست (إِذا) مما يأتي بمعنى (قد).
والرؤية في قوله : (وَرَأَيْتَ النَّاسَ) يجوز أن تكون علمية ، أي وعلمت علم اليقين أن الناس يدخلون في دين الله أفواجا وذلك بالأخبار الواردة من آفاق بلاد العرب ومواطن قبائلهم وبمن يحضر من وفودهم. فيكون جملة (يَدْخُلُونَ) في محل المفعول الثاني ل (رَأَيْتَ).
ويجوز أن تكون رؤية بصرية بأن رأى أفواج وفود العرب يردون إلى المدينة يدخلون في الإسلام وذلك سنة تسع ، وقد رأى النبي صلىاللهعليهوسلم ببصره ما علم منه دخولهم كلهم في الإسلام بمن حضر معه الموقف في حجة الوداع فقد كانوا مائة ألف من مختلف قبائل العرب فتكون جملة (يَدْخُلُونَ) في موضع الحال من الناس.
و (دِينِ اللهِ) هو الإسلام لقوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [آل عمران : ١٩] وقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) [الروم : ٣٠].
والدخول في الدين : مستعار للنطق بكلمة الشهادة والتزام أحكام الدين الناشئة عن