لعقيدة الشرك وصف الله في هذه السورة ب (أَحَدٌ) ولم يوصف ب (واحد) لأن الصفة المشبهة نهاية ما يمكن به تقريب معنى وحدة الله تعالى إلى عقول أهل اللسان العربي المبين.
وقال ابن سينا في تفسير له لهذه السورة : إن (أَحَدٌ) دالّ على أنه تعالى واحد من جميع الوجوه وأنه لا كثرة هناك أصلا لا كثرة معنوية وهي كثرة المقومات والأجناس والفصول ، ولا كثرة حسيّة وهي كثرة الأجزاء الخارجية المتمايزة عقلا كما في المادة والصورة. والكثرة الحسية بالقوة أو بالفعل كما في الجسم ، وذلك متضمن لكونه سبحانه منزها عن الجنس والفصل ، والمادة والصورة ، والأعراض والأبعاض ، والأعضاء ، والأشكال ، والألوان ، وسائر ما يثلم الوحدة الكاملة والبساطة الحقّة اللائقة بكرم وجهه عزوجل عن أن يشبهه شيء أو يساويه سبحانه شيء. وتبيينه : أما الواحد فمقول على ما تحته بالتشكيك ، والذي لا ينقسم بوجه أصلا أولى بالوحدانيّة مما ينقسم من بعض الوجوه ، والذي لا ينقسم انقساما عقليّا أولى بالوحدانية من الذي ينقسم انقساما بالحسّ بالقوة ثم بالفعل ، ف (أَحَدٌ) جامع للدلالة على الوحدانية من جميع الوجوه وأنه لا كثرة في موصوفه ا ه.
قلت : قد فهم المسلمون هذا فقد روي أن بلالا كان إذا عذب على الإسلام يقول : أحد أحد ، وكان شعار المسلمين يوم بدر : أحد أحد.
والذي درج عليه أكثر الباحثين في أسماء الله تعالى أن (أَحَدٌ) ليس ملحقا بالأسماء الحسنى لأنه لم يرد ذكره في حديث أبي هريرة عند الترمذي قال : «قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : إنّ لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة».
وعدّها ولم يذكر فيها وصف أحد ، وذكر وصف واحد وعلى ذلك درج إمام الحرمين في كتاب «الإرشاد» وكتاب «اللمع» والغزالي في «شرح الأسماء الحسنى».
وقال الفهري في «شرحه على لمع الأدلة» لإمام الحرمين عند ذكر اسمه تعالى «الواحد». وقد ورد في بعض الروايات الأحد فلم يجمع بين الاسمين في اسم.
ودرج ابن برّجان الإشبيلي في «شرح الأسماء» (١) والشيخ محمد بن محمد الكومي
__________________
(١) هو عبد السلام بن عبد الرحمن شهر بابن برجان بفتح الباء وتشديد الراء المفتوحة اللخمي الإشبيلي المتوفى سنة ٥٣٦ ه ، له «شرح على الأسماء الحسنى» وأبلغها إلى مائة واثنين وثلاثين اسما.