و (مَلِكِ النَّاسِ) عطف بيان من رب (النَّاسِ) وكذلك (إِلهِ النَّاسِ) فتكرير لفظ (النَّاسِ) دون اكتفاء بضميره لأن عطف البيان يقتضي الإظهار ليكون الاسم المبيّن (بكسر الياء) مستقلا بنفسه لأن عطف البيان بمنزلة علم للاسم المبيّن (بالفتح).
و (النَّاسِ) : اسم جمع للبشر جميعهم أو طائفة منهم ولا يطلق على غيرهم على التحقيق.
و (الْوَسْواسِ) : المتكلم بالوسوسة ، وهي الكلام الخفيّ ، قال رؤبة يصف صائدا في قترته :
وسوس يدعو مخلصا ربّ الفلق
فالوسواس اسم فاعل ويطلق الوسواس بفتح الواو مجازا على ما يخطر بنفس المرء من الخواطر التي يتوهمها مثل كلام يكلم به نفسه قال عروة بن أذينة :
وإذا وجدت لها وساوس سلوة |
|
شفع الفؤاد إلى الضمير فسلّها |
والتعريف في (الْوَسْواسِ) تعريف الجنس وإطلاق (الْوَسْواسِ) على معنييه المجازي والحقيقي يشمل الشياطين التي تلقي في أنفس الناس الخواطر الشريرة ، قال تعالى : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ) [طه : ١٢٠] ، ويشمل الوسواس كل من يتكلم كلاما خفيا من الناس وهم أصحاب المكائد والمؤامرات المقصود منها إلحاق الأذى من اغتيال نفوس أو سرقة أموال أو إغراء بالضلال والإعراض عن الهدى ، لأن شأن مذاكرة هؤلاء بعضهم مع بعض أن تكون سرا لئلا يطلع عليها من يريدون الإيقاع به ، وهم الذين يتربصون برسول اللهصلىاللهعليهوسلم الدوائر ويغرون الناس بأذيّته.
و (الْخَنَّاسِ) : الشديد الخنس والكثيرة. والمراد أنه صار عادة له. والخنس والخنوس: الاختفاء. والشيطان يلقب ب (الْخَنَّاسِ) لأنه يتصل بعقل الإنسان وعزمه من غير شعور منه فكأنّه خنس فيه ، وأهل المكر والكيد والتختل خنّاسون لأنهم يتحينون غفلات الناس ويتسترون بأنواع الحيل لكيلا يشعر الناس بهم.
فالتعريف في (الْخَنَّاسِ) على وزان تعريف موصوفه ، ولأن خواطر الشر يهم بها صاحبها فيطرق ويتردد ويخاف تبعاتها وتزجره النفس اللّوامة ، أو يزعه وازع الدين أو الحياء أو خوف العقاب عند الله أو عند الناس ثم تعاوده حتى يطمئن لها ويرتاض بها فيصمم على فعلها فيقترفها ، فكأنّ الشيطان يبدو له ثم يختفي ، ثم يبدو ثم يختفي حتى