والتسوية : التعديل وعدم التفاوت ، وهي جعل الأشياء سواء ، أي متماثلة وأصلها أن تتعلق بأشياء وقد تتعلق باسم شيء واحد على معنى تعديل جهاته ونواحيه ومنه قوله هنا: (فَسَوَّاها) ، أي عدّل أجزاءها وذلك بأن أتقن صنعها فلا ترى فيها تفاوتا.
والفاء في (فَسَوَّاها) للتعقيب.
وتسوية السماء حصلت مع حصول سمكها ، فالتعقيب فيه مثل التعقيب في قوله : (فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) [النازعات : ٢٣ ، ٢٤].
وجملة (وَأَغْطَشَ لَيْلَها) معطوفة على جملة (بَناها) وليست معطوفة على (رَفَعَ سَمْكَها) لأن إغطاش وإخراج الضحى ليس مما يبين به البناء.
والإغطاش : جعله غاطشا ، أي ظلاما يقال : غطش الليل من باب ضرب ، أي أظلم.
والمعنى : أنه خصّ الليل بالظلمة وجعله ظلاما ، أي جعل ليلها ظلاما ، وهو قريب من قوله : (رَفَعَ سَمْكَها) من باب قولهم : ليل أليل.
وإخراج الضحى : إبراز نور الضحى ، وأصل الإخراج النقل من مكان حاو واستعير للإظهار استعارة شائعة.
والضحى : بروز ضوء الشمس بعد طلوعها وبعد احمرار شعاعها ، فالضحى هو نور الشمس الخالص وسمي به وقته على تقدير مضاف كما في قوله تعالى : (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) [طه : ٥٩] يدل لذلك قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس : ١] ، أي نورها الواضح.
وإنما جعل إظهار النور إخراجا لأن النور طارئ بعد الظلمة ، إذ الظلمة عدم وهو أسبق ، والنور محتاج إلى السبب الذي ينيره.
وإضافة (ليل) و (ضحى) إلى ضمير (السَّماءُ) إن كان السماء الدنيا فلأنهما يلوحان للناس في جوّ السماء فيلوح الضحى أشعة منتشرة من السماء صادرة من جهة مطلع الشمس فتقع الأشعة على وجه الأرض ثم إذا انحجبت الشمس بدورة الأرض في اليوم والليلة أخذ الظلام يحلّ محلّ ما يتقلص من شعاع الشمس في الأفق إلى أن يصير ليلا حالكا محيطا بقسم من الكرة الأرضية.