بضمائر الغيبة فذكر الأعمى تظهر المراد من القصة واتضح المراد من ضمير الغيبة.
ثم جيء بضمائر الخطاب على طريقة الالتفات.
ويظهر أن النبي صلىاللهعليهوسلم رجا من ذلك المجلس أن يسلموا فيسلم بإسلامهم جمهور قريش أو جميعهم فكان دخول ابن أم مكتوم قطعا لسلك الحديث وجعل يقول للنبي صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله استدنِنِي ، علمني ، أرشدني ، ويناديه ويكثر النداء والإلحاح فظهرت الكراهية في وجه الرسول صلىاللهعليهوسلم لعله لقطعه عليه كلامه وخشيته أن يفترق النفر المجتمعون ، وفي رواية الطبري أنه استقرأ النبي صلىاللهعليهوسلم آية من القرآن.
وجملة (وَما يُدْرِيكَ) إلخ في موضع الحال.
(وما يدريك) مركبة من (ما) الاستفهامية وفعل الدّراية المقترن بهمزة التعدية ، أي ما يجعلك داريا أي عالما. ومثله : (ما أَدْراكَ) كقوله : (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة: ٣]. ومنه (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) في سورة الأنعام [١٠٩].
والاستفهام في هذه التراكيب مراد منه التنبيه على مغفول عنه ثم تقع بعده جملة نحو (ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) [القارعة : ٣] ونحو قوله هنا : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) والمعنى أيّ شيء يجعلك داريا. وإنما يستعمل مثله لقصد الإجمال ثم التفصيل.
قال الراغب : ما ذكر ما أدراك في القرآن إلا وذكر بيانه بعده ا ه. قلت : فقد يبينه تفصيل مثل قوله هنا : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) وقوله : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر : ٢ ـ ٣] وقد يقع بعده ما فيه تهويل نحو : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) [القارعة : ١٠] أي ما يعلمك حقيقتها وقوله : (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة : ٣] أي أيّ شيء أعلمك جواب : (مَا الْحَاقَّةُ)
وفعل : (يُدْرِيكَ) معلق عن العمل في مفعوليه لورود حرف (لعلّ) بعده فإن (لعل) من موجبات تعليق أفعال القلوب على ما أثبته أبو علي الفارسي في «التذكرة» إلحاقا للترجي بالاستفهام في أنه طلب. فلما علق فعل (يُدْرِيكَ) عن العمل صار غير متعدّ إلى ثلاثة مفاعيل وبقي متعديا إلى مفعول واحد بهمزة التعدية التي فيه فصار ما بعده جملة مستأنفة.
والتذكر : حصول أثر التذكير ، فهو خطور أمر معلوم في الذهن بعد نسيانه إذ هو