سنة أربع عشرة أو خمس عشرة.
وفيه نزلت هذه السورة وآية (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) من سورة النساء [٩٥].
وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يحبّه ويكرمه وقد استخلفه على المدينة في خروجه إلى الغزوات ثلاث عشرة مرة ، وكان مؤذّن النبي صلىاللهعليهوسلم هو وبلال بن رباح.
والعبوس بضم العين : تقطيب الوجه وإظهار الغضب. ويقال : رجل عبوس بفتح العين ، أي متقطب ، قال تعالى : (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) [الإنسان : ١٠]. وعبس من باب ضرب.
والتولي : أصله تحوّل الذات عن مكانها ، ويستعار لعدم اشتغال المرء بكلام يلقى إليه أو جليس يحلّ عنده ، وهو هنا مستعار لعدم الاشتغال بسؤال سائل ولعدم الإقبال على الزائر.
وحذف متعلق (تَوَلَّى) لظهور أنه تولّ عن الذي مجيئه كان سبب التولي.
وعبر عن ابن أم مكتوم ب (الْأَعْمى) ترقيقا للنبي صلىاللهعليهوسلم ليكون العتاب ملحوظا فيه أنه لما كان صاحب ضرارة فهو أجدر بالعناية به ، لأن مثله يكون سريعا إلى انكسار خاطره.
و (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) مجرور بلام الجر محذوف مع (أَنْ) وهو حذف مطرد وهو متعلق بفعلي (عَبَسَ وَتَوَلَّى) على طريقة التنازع.
والعلم بالحادثة يدل على أن المراد مجيء خاص وأعمى معهود.
وصيغة الخبر مستعملة في العتاب على الغفلة عن المقصود الذي تضمنه الخبر وهو اقتصار النبي صلىاللهعليهوسلم على الاعتناء بالحرص على تبليغ الدعوة إلى من يرجو منه قبولها مع الذهول عن التأمل فيما يقارن ذلك من تعليم من يرغب في علم الدين ممن آمن ، ولما كان صدور ذلك من الله لنبيه صلىاللهعليهوسلم لم يشإ الله أن يفاتحه بما يتبادر منه أنه المقصود بالكلام ، فوجهه إليه على أسلوب الغيبة ليكون أول ما يقرع سمعه باعثا على أن يترقب المعنيّ من ضمير الغائب فلا يفاجئه العتاب ، وهذا تلطف من الله برسوله صلىاللهعليهوسلم ليقع العتاب في نفسه مدرجا وذلك أهون وقعا ، ونظير هذا قوله : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) [التوبة : ٤٣].
قال عياض : قال عون بن عبد الله والسمرقندي : أخبره الله بالعفو قبل أن يخبره بالذنب حتى سكن قلبه ا ه. فكذلك توجيه العتاب إليه مسندا إلى ضمير الغائب ثم جيء