محل المشكوك.
ولا مجال لإنكارها بعد التأمل في المرتكزات وملاحظة مبانيهم في موارد قاعدة الصحة التي يجمعها معها جامع ارتكازي واحد ، فإن الظاهر ابتناء الإجماع على قاعدة الصحة على الارتكازيات العقلائية ، فهي قاعدة إمضائية لا تأسيسية ، ولا سيما مع فقد الأدلة النقلية التعبدية فيكشف عن قوة الجهة الارتكازية المذكورة ووضوحها بنحو أوجب تسالم الفقهاء عليها في مقام العمل.
هذا تمام ما يمكن الاستدلال به للقاعدة ، وعمدته النصوص العامة التامة السند والدلالة ، وإنما تعرضنا لما عداها لتأييد عمومها وتقريب مضمونها.
المقام الثاني : في تحديد مفهوم القاعدة تفصيلا.
والكلام في ذلك يبتني على الكلام في أن المستفاد من نصوص المقام قاعدتان مختلفتان بالحدود المفهومية ، أو قاعدة واحدة تعمّ بمفهومها كلا القاعدتين ، أو تختص بإحداهما مع إهمال الاخرى ، أو مع رجوعها إليها ، لكونها من جملة صغرياتها الحقيقية ، أو التنزيلية التعبدية.
وقد اختلفت كلماتهم في ذلك أشد الاختلاف ، وكثر منهم النقض والإبرام.
ومدعى القائل بالتعدد أن بعض النصوص قد تضمّن قاعدة التجاوز التي مفادها التعبد بوجود المشكوك بمفاد كان التامة بعد التجاوز عنه ، وبعضها قد تضمن قاعدة الفراغ التي مفادها التعبد بصحة الموجود وتماميته بمفاد كان الناقصة بعد الفراغ عنه ومضيه ، فهما مختلفان موضوعا ومفادا.
كما أنه حيث كان الشك في تمامية الموجود وصحته بمفاد كان الناقصة مسببا عن الشك في وجود جزئه وشرطه بمفاد كان التامة فالتعبد بالثاني مغن عن التعبد بالأول.