ثم إنه حيث كان ظاهر الإجماع وسيرة المتشرعة في بنائهم على الأصل المذكور ليس على محض التعبد الشرعي ، بل الجري على مقتضى السيرة العقلائية الارتكازية كان مقتضاهما إمضاءها ، فيكون المتبع في عموم الحكم وخصوصه على مقتضاها ، نظير جريهم على حجية الظواهر اللفظية ، فلا يقدح خلافهم في بعض الموارد مع ثبوت السيرة المذكورة فيها ، لشبهة ترجع إلى دعوى قصور السيرة أو المانع من العمل بها كالردع الشرعي عنها ، نظير خلاف بعضهم في حجية الظواهر في حق من لم يقصد بالافهام ، أو في حجية ظواهر الكتاب المجيد. إلا أن يخرج المورد عن المتيقن من السيرة المذكورة.
ودعوى : أن إمضاء سيرة العقلاء إذا كان مستفادا من الإجماع وسيرة المتشرعة فلا محال لاستفادة عمومه لبعض الموارد مع فرض عدم إحرازهما فيها.
مدفوعة : بأن المستفاد من الإجماع وسيرة المتشرعة كون المعنى الارتكازي تبني عليه سيرة العقلاء مما من شأنه أن يعمل عليه لو لا المانع ، فموضوعه مقتض للحجية حتى عند المخالف في بعض الموارد ، وليس مرجع الخلاف إلا دعوى قصور الارتكاز المذكور عن ذلك المورد أو ثبوت المانع عنه ، فمع ثبوت عموم الارتكاز وعدم ثبوت المانع من العمل عليه لا مجال للخروج عن مقتضاه ، الذي استفيد إمضاؤه.
ولذا لم يكن البناء في استفادة الامضاء للقضايا الارتكازية على ثبوت الدليل عليه في كل مورد مورد.
هذا ، كله بناء على أن السيرة في المقام تحتاج للإمضاء ، أما بناء على أنه يكفي في حجيتها عدم ثبوت الردع عنها فالأمر أظهر. وهو غير بعيد لنظير ما تقدم في حجية اليد.
نعم ، لو غض النظر عن سيرة العقلاء الارتكازية ، وكان مفاد الإجماع