الذي يعتمد على اكتشاف التناسب العددي في ألفاظ القرآن الكريم ، فنجد تساويا في عدد المرات التي ذكرت فيها الدنيا مقارنا بعدد مرات ذكر الآخرة ، إذ تكررت كل منهما ١١٥ مرة على الرغم من اختلاف مواردهما ، ونلاحظ تساويا في عدد ذكر الملائكة وعدد ذكر الشياطين ، إذ وردت كلّ منهما ٨٨ مرة ، وهكذا تتسع الشواهد حتى تشمل الكثير من كلمات القرآن مع اختلاف مواردها وتنوّعها.
أما ملاحظتنا على ذلك فهي ، أن هناك أسلوبين في قضية إثبات صدق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصدق القرآن.
الأسلوب الأول : هو الأسلوب الذي يعتمد على الحوار الهادىء فيثير الفكرة المضادّة أمام البحث ويناقشها ويحاكمها ويستمع إلى ردود الفعل المختلفة فيرجع إلى الفكرة من جديد .. وهذا هو الأسلوب الغالب في القرآن ، حيث نجد أمامنا الحوار الذي أداره مع الكافرين في التهم التي وجهت إلى شخص الرسول في صفاته الذاتية من جهة ، وإلى القرآن وعلاقته بالله أو بالرسول من جهة أخرى ، فقد حدثنا عن صفة الشاعر والساحر والمجنون وغيرها من الصفات التي أثيرت حول شخص الرسول للتهوين من شأنه ، وللتخفيف من تأثيره ، وكان للأسلوب القرآني الحكيم ، الجو الهادىء الذي يتابع الكلمات بروح هادئة ، أو بكلمات قوية واضحة ، ليعين الآخرين على التأمل العميق من موقع الفكر المسؤول.
وقد أثيرت حول القرآن عدة أفكار سلبية في مجتمع الدعوة الأول ، منها أنه من تعليم البشر ، وكانت الفكرة تشير إلى غلام رومي في مكة كان النبي يجلس إليه في بعض الأوقات وذلك هو قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) [النحل : ١٠٣].