للأشياء ، بل يظلّون في ارتباط مجنون بالأطماع والشهوات ، مما يجعل الموازين تتحرك في اتجاه القيم الشريرة في تقييم الواقع وتحليله.
المنافقون والشعور بالاستعلاء
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) هذه إحدى الملامح البارزة للمنافقين ، وهي مواجهة الرأي العام بمشاعر الكبرياء والعظمة التي تدفعهم إلى احتقار الناس في مستوى تفكيرهم وطبيعة إيمانهم وطريقة حياتهم ، لأنهم يجدون في أنفسهم المستوى الفكري والعقلي الذي يرفعهم عن مستوى الآخرين ، ولا سيما إذا كانوا مزوّدين بالثقافة التي تتيح لهم أن يجادلوا ويناقشوا ، ويحركوا ألسنتهم بتحليل الأمور وتفسيرها ومحاكمتها ، على أساس المصطلحات العلمية التي تعطي لكلماتهم مدلولا علميا ، كما نرى ذلك في بعض المتعلّمين الذين لا يناقشون القضايا العامة التي يتبناها الناس من خلال طبيعتها الأساسية ، بل من خلال طبيعة المستوى الذي يمثله هؤلاء الناس المرتبطون بالفكرة أو بالعقيدة. فإذا حاولت أن تربطهم بالحقائق الدينية أو الكونية التي تربطهم بالله وتقودهم إلى الإيمان ، قالوا لك : إن هذا كلام غير علمي ، وإن هذه الأفكار التي تطرحها علينا هي أفكار العامة من الناس الذين يعيشون سذاجة الفكر والعقيدة ، وليست أفكار المتعلّمين الذين يحملون شهادات العلم والفلسفة.
ولعل هذا هو الذي كان يسيطر على أجواء المنافقين الذين كانوا يدعون إلى الإيمان الخالص الذي ينطلق من الفطرة بعفوية وبساطة ، باعتبار أن طبيعة الأسس التي يرتكز عليها لا تستند إلى فكر معقّد ، بل إلى الوجدان الذي يتحرك في إطار الفكرة بهدوء وصفاء. فكانوا يجيبون : إننا لا نؤمن بمثل هذا