التي لا بد أن تكون في مستوى المعجزة الخارقة للعادة ، تراجع وانهزم وانكمش في موقفه ، فينفضح أمره ، ويتبين زيف دعواه من دون مشاكل. ولهذا فقد بدأ بمطالبته بإظهار الآية الدالّة على صدقه : (قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
وكان فرعون ينتظر أن يعتذر موسى ويتراجع ، ولكن المفاجأة كانت بانتظاره (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) ودبّ الرعب في قلب فرعون ، ولكنه تمالك نفسه. وجاءت المعجزة الثانية (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ) مع أن موسى كان أسمر اللون ، فكيف تحولت يده إلى هذا البياض الناصع من غير مرض؟ وعقدت المفاجأة لسان فرعون ، فلم يتكلم بشيء ، وكأنه أحسّ بصدق موسى. وربما عاش بعض التردّد في سر ما رآه ، هل هو معجزة أم سحر؟
وشعر قومه الذين هم جهاز سلطته بهذه الحيرة التي أخذت تأكل قلب فرعون. وربما خافوا أن تتحوّل الحيرة إلى قناعة وإيمان بصدق موسى ، فيميل إليه ، فيفقدون بذلك سلطانهم ، فتدخّلوا ليحسموا الموضوع عنده ، ليؤكدوا أن ما قام به موسى هو سحر ، وأن موسى ليس نبيا ، بل هو ساحر عليم يملك المزيد من القدرة والمعرفة في هذا الفنّ. وكان مثل هذا الاحتمال قريبا إلى أجواء المجتمع هناك ، لأنّ ألاعيب السحر التي تماثل ما قام به موسى في الشكل ، كانت مألوفة لديهم.
* * *
ملأ فرعون يتهمون موسى عليهالسلام بالسحر
(قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ). وذلك هو أسلوب الطغاة