عظيمة بالنصر لا حدّ لها ، وهي الثقة بالله القادر على أن يبطل كل كيدهم ومكرهم.
(فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) لأن السحر لا يحمل في مدلوله قدرة لتغيير الأشياء ، وتحويلها عن حقيقتها ، والتأثير بها بطريقة فعلية ، بل هو مجرّد تخييل وتمويه ولعب على أعين الناس ، بما يملكونه من دقة وفنّ يأخذ بالعيون ويدعو إلى الدّهشة ويبعث على الخوف ... (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) من خلال ما أظهروه من ألاعيب تحويل العصيّ إلى ثعابين خيّل لموسى وللناس أنها تسعى. (وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) فقد كانوا يملكون المقدرة الكبيرة في فنّ السحر. ووقف موسى ينتظر أمر ربّه ، لأنه لا يملك المعرفة بالسحر ليقابلهم سحرا بسحر ، ولا يملك القدرة الذاتية على المعجزة ليبطل السحر بالمعجزة ، وكان يعرف أن الله سينصره ، لأن وقفة التحدي ـ هذه ـ لم تكن وقفته الذاتية التي يربح فيها الجولة كشخص ، أو يخسرها كشخص ، ولكنها كانت وقفة الرسالة التي تريد فرض نفسها على الساحة كقوّة جديدة تملك أن تتحدى جبروت فرعون وطغيانه ، لتمنح الناس القدرة على الاختيار بينها وبين فرعون ، ثم لتعطيهم قوّة حسم الموقف بالوقوف مع موسى من أجل الرسالة ، لأن المسحوقين لا يتحركون بمواجهة القوة الطاغية ، إلا استنادا إلى قوّة جديدة تمنحهم إرادة القوة كما توحي لهم بالهدى والإيمان ...
* * *
عصا موسى عليهالسلام تلقف إفك السحرة
وجاء أمر الله ، وتمّت كلمته (* وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ) فألقاها في استجابة خاشعة لأمر الله ، وثقة بالنتيجة الإيجابية المنتصرة الحاسمة ، (فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) وتتناول كل هذه العصيّ التي أرادوا أن يصرفوا وجوه