يجعل عنوان المسكر هو عنوان الموضوع للحرمة ، لأن العلة تؤدي إلى سعة الموضوع ليشمل كل مسكر ، ففي هذه الحال لا مانع من إسراء حكم الخمر في الحرمة إلى كل مسكر.
وقد شدّد أهل البيت عليهمالسلام على رفض القياس ، كما شدد عليه ابن حزم الظاهري ، لحماية الأحكام الشرعية من الانحراف عن خط الحقيقة التشريعية ، وقد اتّبعوا جدهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حسب الرواية المتقدمة ، باعتبار إبليس هو الذي بدأ القياس عند ما اعتبر أن السبب في التكريم لا بد من أن ينطلق من قوّة العنصر ، فهو الأساس في التفضيل ، ولذلك اعترض على تفضيل الله لآدم قال : «أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين» ، باعتبار أن النار أقوى من التراب لأنها تفنيه ، ولكنه لم يلتفت إلى الخصوصيات الروحية والمعنوية المتناسبة مع الدور الذي أو كله الله لآدم ، بالإضافة إلى خصائص التراب في عملية الإنتاج الزراعي وفي بناء الأبنية ونحو ذلك ، وهكذا كانت غوايته منطلقة من عدم وعيه للخصائص الخفية الحقيقية التي تكمن وراء التفضيل الإلهي لآدم.
وبكلمة واحدة ، إن اليقين هو الأساس الوحيد للحجيّة ولا بد لكل حجة من الانتهاء إلى اليقين ، حتى لو كان ذلك بلحاظ تنصيص الشارع على حجيتها باعتبار أن الأمر يرجع إليه ، وأما الظن فإنه «لا يغني من الحق شيئا» ، فكيف نعتمد عليه ـ بدون دليل ـ ليكون القياس حجة!
وقد حاول أصوليو السنّة أن يستدلوا على حجيّة القياس بأدلة متنوعة من الكتاب والسنة ، ولكنها لا تثبت أمام النقد العلمي.
* * *