جيّدة لها بحيث تنفتح عليها أحلامهما ، وهكذا أخرجهما من الجنة إلى الأرض.
* * *
لماذا أمهل الله إبليس؟
وفكّر أن لا يقف عند هذا الحدّ ، فإن هناك فرصة جديدة لآدم وذريته أن يدخلوا الجنة إذا اتبعوا هدى الله ، ولذلك فقد طلب من الله مهلة انتظارية يجمّد الله فيها عقوبته له في نطاقها ، ومنحه الله هذه الفرصة المنشودة ، إمّا تكريما لعبادته التاريخية عند ما كان في مجتمع الملائكة كما لو كان أحدهم ، وإما ابتلاء للإنسان واختبارا لحركة عقله وإرادته في الطاعة الإرادية القائمة على وقوفه أمام خياري الخير والشر ، ليكون لإبليس ، الشيطان ، دوره في الوسوسة الداخلية المحركة للغرائز في اتجاه قلق الشرّ ، وحركته في الإيحاء في إثارة الأحلام الخيالية والشهوات الجامحة ، وتزيين الصورة القبيحة ، وتقبيح الصورة الحسنة ، وإطلاق الوعود المعسولة ، ونصب الحبائل الشيطانية في طريق الهدى من أجل أن يسقطوا فيها فلا يمتدوا في مسيرتهم الإيمانية .. وهكذا أعلن خطته الإضلالية في حصار الإنسان بشهواته وأمانيه وحبائله وخدعه ، ليحيط به من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله ، ليمنعه من شكر الله قولا وعملا ومن السير في الخط المستقيم ، ليبعده عن الجنة ويدخله النار ، ليرضي بذلك حقده وعداوته ضد هذا الذي كرّمه الله عليه ، ليسقط هذه الكرامة من ذريته ، ليقعوا تحت تأثير غضب الله باستسلامهم لغروره وخداعه. ولكن الله يحذّر بني آدم أن لا يتّبعوا خطوات الشيطان حتى لا يخرجهم من الجنة كما أخرج أبويهم من الجنة ، ويؤكد له أن عباده الصالحين الذين يتحركون من موقع عقولهم ووعيهم الإيماني وإرادتهم التقية ، ليس له سلطان عليهم إلا أولئك الذين لهم قلوب لا يعقلون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ،